حين أندلعت الثورات العربية والتي أمتدت من العراق الى مصر مرورا باليمن ، فان ما عاناه عالمنا العربي بسبب هذه المتغيرات كان كارثيا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
كنت اتحدث الى صديق مصري مطلع على احوال مصر ومتابع لكل ما يجري في وطنه ، فقال ان ثورة يوليو في عام 1952م تقهقهرت ونكصت وأجهضت كل الاماني والأستقرار في وطن جميل، كان حينها ينافس دول أورباء في الوعي والإزدهاء والنماء والخدمات والديمقراطية وحرية الصحافة.
واضاف ان ما شهده عهد ما بعد ثورة يوليو في مصر من إزدهار كان بفضل الوعي والنهضة والرخاء الذي اسس لها النظام الملكي في عهد الملك فاروق.وانتهى ذلك وها هي مصر اليوم كما تشهدها تعاني كل الويلات.
وعن - العراق- الملكية فلقد حافظت الملكية على بلد العراق والمتعدد الجنسيات والاديان والمذاهب . حافظت عليه مزدهراً متآلفاً موحداً، بينما زجت الثورة العراقية الوطن العراقي في صراعات -إثنية- مع -الاكراد- وأسست لعداوات مذهبية، وتورطت العراق في حروب طاحنة مع الجيران، بما فيها ذلك الإجتياح الجائحي لدولة الكويت التي وقفت عبر تاريخها مع العراق الشقيق .
لم تشهد- ليبيا - اي استقرار بعد الاطاحة بالنظام الملكي في سنة 1969م ، حيث دارت الدوائر على ذلك الشعب وتلك البلاد الجميلة الغنية بثرواتها ومواردها ، وانساق النظام الجمهاهيري في ليبيا -العظمى- الى احداث تبدلات عجيبة في حياة الناس ولغتهم وتاريخهم وعلاقاتهم مع الاشقاء العرب ومع افريقيا وانتهت ليبيا الى ان تطحنها الثورات والفتن .
وعن - سلطنة عمان - فقد ساهمت بعض الدول ومنها الجهورية العربية المتحدة- اي مصر- في تاسيس ما كان يطلق عليه - جبهة تحرير ظفار- أنظمت الى تاييد ودعم الثورة - الظفارية - حينها - الصين الشعبية - وبعد ذلك ناصرتها جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. تاسست - جبهة تحرير ظفار- في عام 1965م في عهد السلطان سعيد بن تيمور- طيب الله ثراه-.
لحسن الحظ فقد جنحت تلك الثورة الى الحكمة وقبلت بالمصالحة ، تلك المصالحة التاريخية كانت في عام 1975م وكانت في عهد السلطان - قابوس بن سعيد - حفظه الله. اسست المصالحة في بناء السلطنة وفي شموخها وعزها الوطيد، ولولاها لكانت اليوم - سلطنة عمان - تعيش هواناتها وخصوماتها وويلاتها، ولراينا كرام اهلها يسعون في بقاع الارض بحثا عن لقمة العيش تتجهمهم الوجووه وتزدريهم الألسن .
الثورات العربية كانت جائحية. خذوا -الجزائر- كمثال ساطع، فقد تحررت بعد تضحيات عظيمة غير مسبوقة، ولكنها ابت تلك الثورة الجزائرية ان تهداء، فبعد الإستقلالوكان ذلك في شهر يوليو سعام 1962 م إنساقت -الجزائر- الى تصدير الثورات الى كل البلدان الافريقية، بل انها ضحت بكل ثرواتها لشراء السلاح .
الاستقرار والتسامح والتعقل والصفح والتصبر يصنع الرخاء والنماء ويُوجد ويؤسس للبيئة الحاضنة للاستثمار وتحقيق الطموحات والالفة والتعايش والرقي. فثوراتنا العربية شردت المثقفين والاثرياء وكممت الافواه والجمت الصحافة وخاصمت اقلياتها ، ولم تفلح الاّ في تاسيس مخابراتها وعسسها وبناء سجون التعذيب وتصدير الثورات، التي جعلت الدول تستعديها فوطدت لعداوات الشعوب عليها ، وبددت زمنها ومالها في الطيش والحماسات العدمية .
فاروق المفلحي