حكايتي مع علي ناصر محمد

2017-10-29 07:57

 

التقيت بالسيد الرئيس علي ناصر محمد وجها لوجه وصافحته مرة واحدة في حياتي ، وكان ذلك في جبل خنفر بمدينة جعار في منتصف التسعينيات تقريبا .

كان السيد الرئيس علي ناصر في زيارة للبلاد حينها بعد أكثر من عشرة أعوام من نزوحه مع أنصاره الى الشمال بسبب أحداث 13 يناير 1986 م في عدن التي أخرجته من السلطة ، وفي أثناء هذه الزيارة قام بعدد من الجولات في بعض المحافظات ومنها محافظة أبين .

لم أكن مدعوا من أي جهة رسمية لاستقبال الرئيس علي ناصر واللقاء به في جولته هذه الى أبين ولكن شاءت الصدفة أنني كنت مارا ظهيرة ذلك اليوم في شارع جمال بجعار وإذا بسيارة سوزوكي بيضاء تقف بجواري ويطل من داخلها الأستاذ سعيد عبدالحميد أحد الشخصيات الاجتماعية البارزة في جعار ويناديني بصوت مرتفع : يا محمد ... يا محمد ... يا عولقي

وكنت أعرفه وأثق فيه وقد درسني في الصف الثالث إعدادي ، فاتجهت إليه وصافحته وإذا به يقول لي : إطلع .. إطلع .. با تروح معي مكان .

فقلت له : فين ؟

قال : اجتماع مهم لازم تكون موجود فيه .

قلت له : الآن ... ؟

قال : أيوه ...

قلت : خلينا اتغذى وجيب لي قات على الأقل .

قال : اطلع بس .... غداك وقاتك علي .

فطلعت معه واتجهنا في السيارة الى جبل خنفر وعندما وصلنا القصر الرئاسي بالجبل رأيت الشيخ طارق الفضلي وعددا كبيرا من قيادات المحافظة واقفين في ساحة القصر فنزلنا وصافحناهم ثم بدأت أسأل عن هذه ( اللمة ) وسببها فقيل لي : با نستقبل الرئيس علي ناصر محمد .... با يجي من عدن بعد قليل .

ثم جاء الرئيس علي ناصر واصطففنا في صف طويل وصافحنا واحدا واحدا ..... وبعدها حضرنا وليمة الغذاء على شرفه ثم صعدنا الى قاعة المقيل في القصر برفقة القات .

هذه مجرد بداية الحكاية أما الحكاية الحقيقية فهي الورطة التي ورطني فيها الأستاذ سعيد والتي كانت ستؤدي به وبي الى السجن لولا حكمة السيد الرئيس علي ناصر

وقد حدث ذلك في جلسة المقيل عندما أخذ الرئيس علي ناصر زمام الحديث ليروي للحاضرين ذكرياته وتجربته في الحكم والخطوات التي أنجزها أثناء توليه السلطة من أجل إعادة الوحدة بين الشطرين والوضع الإقليمي والدولي حينها واستعرض بعض محتويات مذكراته التي ما انفك يكتبها عن حياته وغير ذلك من المواضيع ..

وأثناء حديث الرئيس طلب مني الأستاذ سعيد قلما وورقة ، ولم يكن لدي لا ورقة ولا قلم ، فأستعار من أحد الحاضرين ورقة وقلما وقال لي : أمسك وساعدني في صياغة بعض الأسئلة والملاحظات ...

فساعدته وكتبت بعضا من الأسئلة التي كان يمليها علي وكان مجملها استفزازيا مثل : هل كنت صادقا في إتمام تحقيق الوحدة ؟ وهل قيادة الجبهة القومية كانت عميلة لبريطانيا ولذلك امتنعت عن تحقيق الوحدة عند الاستقلال ؟ وكيف نصدق أن مذكراتك فيها معلومات صحيحة ؟ وكذلك عن فترة التصفيات الجسدية في السبعينيات وأحداث 13 يناير وغير ذلك من الأسئلة والملاحظات ... ثم أخذ الورقة مني وبعد انتهاء حديث الرئيس علي ناصر طلب الأستاذ سعيد الحديث وألقى أسئلته واحدا بعد الآخر وكلما أجاب الرئيس علي ناصر قاطعه الأستاذ سعيد ودخل معه في جدل حتى ظهر على الرئيس علي ناصر الاستياء وأخذ يتحدث بحدة وصوت أعلى ....

وكان بعض الحاضرين يعترض على بعض كلام وعبارات الأستاذ سعيد ويطلب إيقافه عن الحديث ولكن الرئيس كان يقول : خلوه ... خلوه يتكلم ... أنا عارف نفسي وواثق من أعمالي الملموسة من أجل الوحدة أثناء فترة حكمي ...

ثم انتهى اللقاء ونزلت من الجبل بسيارة الأستاذ سعيد الذي أوصلني الى منزلي .

وفي صباح اليوم التالي ذهبت الى عاصمة المحافظة رنجبار وكنت أظن أن ما حدث بالأمس كان جلسة لقاء وانتهت غير أن الأمر لم يكن كذلك ، فقد باتت التلفونات تشتغل وتناقل الناس ما حدث مصحوبا بالتفسيرات والتأويلات ووجدت كل من قابلته من أصحاب علي ناصر يعاتبني ويهاجمني بالكلام ويتهمني بأنني أنا الذي وضعت الأسئلة للأستاذ سعيد وحرضته للإساءة الى الرئيس علي ناصر وإنني جئت الى اللقاء خصيصا من أجل ذلك وأن المحافظ ومدير الأمن السياسي هما اللذان كلفاني بذلك وأن قائد حراسة الرئيس كان سيسجنني أنا والأستاذ سعيد لولا تدخل الرئيس علي ناصر ومنع هذا الإجراء والى ما هنالك من أقاويل واتهامات ....

يااااااه .... تهم وتأويلات لا ناقة لي فيها ولا جمل ...

وتعبت وأنا أوضح وأشرح موقفي وأحكي ما حصل كما هو ثم طرأت لي فكرة أن أكتب شيئا للجمهور عن اللقاء وموقفي من الرئيس ليعرف الجميع حقيقة الأمر فكتبت مقالين متتاليين في الصفحة الأخيرة من صحيفة الجمهورية بعنوان : علي ناصر محمد .

وانتهى الموضوع .