امتداداً للهيمنة التي لا تزال تمارسها أدوات "النظام اليمني السابق" على إذاعة المكلا، كان هذا التهميش الخبيث الانتقامي والتجاهل المتعمد لتاريخ المخرج التلفزيوني الكبير الأستاذ "صالح هادي مطبق" المصور الحربي للجيش الجنوبي ومصور قناة الـ (MBC) - برفقة الإعلامي الكبير المغربي توفيق جزوليت مراسل القناة ووفدها - إلى البلاد للتغطيات الإخبارية والتقارير الحربية الميدانية للقناة، إبان الغزو اليمني على الجنوب في صيف 1994م بعد تعرض المصور المرافق له للمرض ونقله إلى الخارج.
آنذاك كان المصور "مطبق" يصول ويجول متحدياً كل الصعوبات والمخاطر من جبهة إلى أخرى يخوض عباب المعارك الشرسة الدائرة حينها بين القوات اليمنية الغازية للعاصمة عدن ومدن الجنوب الأخرى وبين القوات الجنوبية المدافعة عن الأرض والهوية يوثق مجريات الأحداث بعدسة مهنية ووطنية قبل ذلك وبعده .
مطبّق تاريخ من العمل المتفاني والمهني في إذاعة المكلا، كيف لا ؟ وهو الحاصل على شهادة الماجستير في التصوير التلفزيوني سنة 1982م من الاتحاد السوفيتي سابقاً ويعتبر الاستاذ صالح مطبق أول كادر الجنوبي الحاصل على تلك الشهادة.
وبرغم كل هذه العظمة وهذا المنجز ، فقد تعرض "مطبّق" إلى مختلف المضايقات والإقصاء والتهميش لزوم سياسة التطفيش المتبعة خلال السنوات الماضية
وليس هذا بالعجيب في ذلك الزمان وتلك الحقبة الظلامية من عمر الوطن ..
لكن أن تستمرّ مثل هذه الممارسات الآن بعد الانعتاق والتخلّص من ريموت صنعاء رمياً في مزبلة ! فهذا ما لن أجد له مسوّغا ولا تبريراً.
ولكن ذلك قد فعلا ، والأدهى والأمرّ أن يحدث ذلك تزامناً مع احتفال قيادة إذاعة المكلا بالذكرى الخمسين لتأسيسها.
مطبق وبعد دخول القوات "اليمنية الشمالية" واحتلالها لمدن الجنوب، حيث بات كل شيء تحت سيطرتهم وهيمنتهم، تم إقصاؤه من مزاولة عمله كأحد الكوادر الأساسية في تلفزيون المكلا ولا يزال يتحمل تبعات الإقصاء التعسفي بحقه إلى يومنا هذا .
فقد كتب عنه الاعلامي المغربي توفيق جزوليت قائلاً : عرفته شجاعاً مهنياً من الطراز الرفيع، مصوراً متمكناً وذكياً، فهو يعتبر بحق في تلك الفترة الزمنية، الوحيد الحاصل على شهادة الماجستير في التصوير التلفزيوني، من جامعة كييف في الاتحاد السوفيتي سابقاً، رافقني بصحبة مهندس الصوت أسامة عمر جابر في تغطية وتصوير المواقع الامامية من الجبهة الشرقية الساحلية إلى حدود انهيار المقاومة الجنوبية، في الخامس من يوليو عام 1994م حيث غادرت صوب دبي، وعاد صالح مطبق الى مدينة المكلا.
نعم احتفلت قيادة اذاعة المكلا قبل بضعة أيام بالذكرى الخمسين للتأسيس بحفل صاخب، وأصدرت كتاباً ليس إلا إعادة لطباعة ما سبق أن وضعه "محمد علي عمرة" قبل عشرين عاماً، حيث تم تجاهل تاريخ المخرج التلفزيوني الكبير صالح مطبق في صفحات الكتاب، ولم تضف صفحات الكتاب أي جديد سوى التطبيل والمديح لمديرة الإذاعة ووضع الأبناء والأحفاد والمقربين منها، على حساب تاريخ وجهود "مطبق" التي بذلها خلال فترة عمله في الاذاعة والتلفزيون وهذا لعمري عار لا يسقط بالتقادم.
ومما احتواه الكتاب استعراض لـ"محمد علي عمرة" - المدير الاسبق للإذاعة - مشوار التاريخ الابداعي والهندسي والتقني والبرامجي، وحصره في برنامج جولة الكاميرا لكي يسجل اسمه متقدماً، الاعلامي "سالم العبد" الذي كتب أكثر حلقات البرنامج، وتجاهل جهود الاعلامي الكبير "محفوظ سالم ناصر" وافلامه الوثائقية ومنها (الرقص الشعبي في حضرموت) الذي حاز على الميدالية الفضية، في مهرجان السينما (قادوقا) سنة 1985م بالعاصمة السوفيتية (موسكو) إضافة إلى ما قدم من برامج تلفزيونية خلال فترة إعادة البث، وأثناء الغزو على الجنوب في 94م جميع هذه الأعمال، فقد كانت تنفذ تصويراً واخراجاً من قبل المخرج الكبير "صالح هادي مطبق" وتجاهل كل ذلك من قِبل "محمد علي عمره" المدير الأسبق للإذاعة.
المدير الأسبق للإذاعة "عمره" والذي همش وأقصى دور المخرج التلفزيوني "صالح مطبق" كان متعاوناً مع الغزاة اليمنيين بعد دخولهم مدينة المكلا، وتنازل عن ممتلكات تلفزيون حضرموت وأجهزته بعد الحرب مباشرة لوكيل وزارة الاعلام التابعة للغزاة "مطهر تقي" ورفض تسجيل نسخ اشرطة الفيديو التي توثق كل أحداث الغزو، وسلمها للجهات الامنية التابعة للغزاة، وهو من ضمن المجموعة التي تسببت في اتلاف الأرشيف البرامجي لتلفزيون حضرموت ورميه في (ريم الاذاعة) حتى التهمتهُ خيوط الشمس الجائعة.
فهل يلاقي الاستاذ "صالح هادي مطبق" تكريم واهتمام بكل ما قام به في مشواره الطويل، في الاذاعة والتلفزيون، من قبل السلطة المحلية الحالية، بقيادة اللواء الركن "فرج سالمين البحسني" أم ستتجاهل السلطة الحالية كل ذلك التاريخ، وتواصل السير على خطى السابقين في التهميش والاقصاء والتجاهل للكوادر الحضرمية؟!
ولعلي بدأتُ أتساءل لوهلةٍ "يا ترى ما هي الدوافع والاسباب التي جعلت ادارة اذاعة المكلا تقوم بهذا العمل المشين من خلال إقصاء وتهميش تاريخ المخرج التلفزيوني الكبير والمصور الحربي للجيش الجنوبي ابن حضرموت البار الاستاذ صالح هادي مطبق ؟ " , وتنكر كل الجهود والتضحيات التي بذلها اثناء عمله في الاذاعة لسنوات وهم من ابناء جلدته فيما الاخرين، من خارج حدود الوطن ابرزهم الاعلامي العربي الكبير وموفد قناة (MBC) في 1994م ابن المغرب العربي الاستاذ توفيق جزوليت، الذي أشاد بتضحيات "مطبق" وتاريخه النضالي والابداعي .
و لعلّ السؤال المهم الذي لم ألقَ له اجابةٌ واضحة !
( لمَ تجاهلت الاذاعة وإدارتها كل هذا التاريخ والجهود لـ " مطبق " التي غمرت تاريخها منذ تأسسها ؟! )
لربما تسقط الاجابة من السماء !
لربما ..
*- أحمد محمد باعباد – المكلا