تقاطر في هذا الأسبوع رؤوساء العالم وقادته وممثلي الدول للحضور الى مدينة - نيويورك - في الملتقى السنوي للأمم المتحدة، في مبناها العتيق، والذي وصفه الرئيس ترامب بانه مبنى -ملعوز- وان كل موظفي الامم المتحدة تنابلة، يستمتعون فقط بتناول الشاي والقهوة وهذا مصدر علمهم. قال ذلك في مقابلات قبل القائه كلمته اليوم!
كما لم يسلم منه ذلك الرخام - الأزرق- الذي يبرز خلف المنبر، واصبح من معالم قاعة الأمم - وقال ان هذا الرخام الرخيص يستحق الإزالة لمنظرة - القـُميء - وانه على استعداد لنزعه وابداله، ونوه الى عبء امريكا المالي الكبير الذي يصل الى قرابه 28% من اجمالي نفقات على منظمات الأمم المتحدة. ونسي ترامب ان أمريكا هي اللاعب الاكبر بكل قرارات الامم المتحدة بل ومجلس أمنها.
تلك كانت تصريحات وتسخينات - ترامب- قبل القائه الكلمة التي، حشدت الكثير من الملامات ومن تلك الملامات او الغضبات ما اكد عليه وهو امكانية أمريكا سحق - كوريا الشمالية - كما عرج على محاربة الإرهاب وان على الدول ان تتوقف عن هذه اللعبة الخطرة المدمرة ، ولكنه - راغ - من تسمية اي دولة باسمها.
وعن أمريكا فقد أكد على ما كان يردده - أمريكا أولاً- وانه يسعى الى تعزيز إقتصادها ودفعه الى مصافات عالية ووعد ان تزخر امريكا باقتصاد قوي وتوفير فرص العمل وتحسين البورصة .كما انه اكد على رحيل -الرئيس السوري بشار الاسد- ووصفه بانه آثم.كما عرج على ايران ووصف النظام بانه قمعي دكتاتوري تحت مسمى الديمقراطية.
لكن الخطبة المفعمة بكل بلاغات اللغة وجماليتها اضافة الى شخصيته اللافته الشامخة الواثقة ، فقد كانت من نصيب الرئيس الفرنسي - أيمانويل - الذي اعتلى المنصه والقى كلمة ضافية. بليغة، ركز فيها على اهمية إنقاذ العالم من غضبات الطبيعة ، وقال ان الطبيعة لا تتتحمل نزقنا وتهورنا، وانها تنتقم منا، واضاف ان اتفاقية المناخ هي وثيقة عظيمة لن تتنازل عنها- فرنسا - ولكنه نوه انه لن يعترض على اي موقف معارض للاتفاقية من قبل امريكا .
كما اكد على محاربة الإرهاب ومحاولة ايجاد حل سياسي في سوريا مع اهمية بقاء النظام حتى يتجنب العالم فوضى عارمة ونزوح وويلات أنسانية مخيفة. بل انه اكد على انه يسعى مع المانيا الى ملتقى أممي في السنغال لكي تضع الدول ملامح خطة لانعاش افريقيا، وقال ان افريقيا يجب ان نسعفها ونرقى باقتصادياتها حتى يتوقف الموت للمهاجرين ذلك الموت الذي يتربصهم في عرض البحر.
تحدث الرئيس الفرنسي واختطف الاضواء، وبين الحضور لمحت زوجته! والتي كانت تنصت له بقلبها وروحها، تنصت لذلك السياسي الداهية الذي أدهش الحضور وخلب مسامعهم . لقد احسن - ايمانويل- حيث جمد الوجووه وهي تتابع نبرات صوته ولغة خطابه، الذي يستحق ان يصبح مرجعية أدبية وسياسية .
اين موقع العرب في الأمم المتحدة؟ نحن في ردهة قصية منسية في تلك القاعة المهيبة ، و ليس لنا بين الامم مكانتنا ومساحتنا، ولن يتحدث عنا الرؤوساء والقادة الا عن حروبنا ومثالبنا ومكائدنا وجهلنا .
لدينا -جامعتنا العربية- التي هي ملاذنا وبيتنا الدافىء، لكن هذا البيت اصابه الوهن والتشظي، لان عقولنا لا تستلهم الا الضغائن والكراهات والغل.
فاروق المفلحي