قبيل ايام وصلت اسرة يمنية وحلت سهلاً في كندا. مدينة - ونزر- التي يفصلها عن أمريكا نهر وتتصل بمدينة -ديترويت. الامركية. عبر جسر حديدي عظيم تعبرة السيارات والشاحنات، ويملكه مواطن مصري كندي . لكنني لست بصدد الحديث عن كندا ، بل ما اهدف اليه في مقالي هذا. هو ابناء هذه الاسرة الذين قبلوا بمجرد وصولهم، اي بعد 5 ايام، وتم توزيعهم حسب أعمارهم على الفصول الدراسية. نعم حسب أعمارهم ،على ان يتم تكيفهم مع اللغة فالاطفال مهوبة لغوية كاسحة.
هولاء الاطفال قبلوا في فصول فمنهم فتاة، قبلت في الصف التاسع والعاشر!! كيف تم ذلك؟ اختبروا الصبية فوجدوها عالية المستوى في مواد تسمح لها ان تتجاوز الصف التاسع الى العاشر. وهي هنا بل والمدرسة يختصرون الزمن، والزمن هو المال والجهد .
وهناك طلاب يدرسون في كندا صف أول ويدرسون مواد صف رابع وخصوصا في الرياضيات واللغة وفي الفيزياء فمنهم من يهضمون الدروس بمجرد قرأة الكتاب المدرسي فقط .
عشت هذه التجربة كطالب كبير السن. في كلية موهوك ، تم قبولي للدراسة لمدة 3 سنوات بدون شهادات فانا بصدق لم اتعلم فانا -طنجة- وعلّمت نفسي وبصعوبة . اعطوني في الكلية الكتب وحاسوباً، وقالوا علّم نفسك! وهذا الاستاذ تعود اليه عندما تواجه مشكلة. تعجبت في البداية ولكنني وجدت أن الامر محفزا لي، ومضيت في مشواري بتعاون من الاستاذ واجترت الامتحانات دون تلقين.ولكن الكتاب التعليمي الجديد ارشادي ومعلوماتي وليس مجرد حشو .
قبيل ايام قابلت دكتورا من- يافع- واخبرني ان ابنه يدرس في ثانوية- ثورية - وتقع في مدينة - هاملتون- وهذا الطالب النجيب يدرس بنفسه، وعليه فقط ان يعود عند الحاجة الى معاونة وتفسير الاستاذ لمشكلة واجهته. ولهذا فقد طبعوا المربون والمتخصصون كتبا تشبه ارشادات شركة- آكيا -السويدية- التي تبيعك الاثاث قطع متناثرة وعليك جمعها وتركيبها حسب الإرشادات.
طرق التعليم تتحول من تلقين الى علّم نفسك، ونحن نساعدك. هنا تتحول الدراسة الى تحديات والى مجهود وقدرات ومثابرات من دون قسوة ودون أكراه. فالتعليم الأرشادي اليوم هو الحل .
مثال بسيط . استطيع ان اطلب منك قراءة كتب كاملة عن السباحة، ولكنك ستغرق حتى لو حصلت في امتحان فنون السباحة على درجة إمتياز، لكنني لو أمرتك بان تخوض في الماء وتجرب السباحة -وتتخنوق- فقد تخاف ثم تتغلب بعد ايام على الخوف وتكتسب مهارة السباحة .
من علم أعظم شاعر جاهلي أمرؤ القيس الادب والبحور الشعرية واللغة والنحو . لقد علم نفسه . وكذلك من علم الإمام علي ابن ابي طالب كرم الله وجهه من علمه الفقه وعلم المواريث، الذي يتطلب حواسيب للفصل فيه، انه الجهد الذاتي والمثابرة.
على ان للطلاب قدرات ومنهم من يتعلم بالسمع، ومنهم من يتعلم بالقراءة، ومنهم من لا يتعلم الاّ بالتجربة العملية .
التعليم يتغير ويتطور ونحن لا زلنا كخطبة الجمعة ندورها ونستعيدها منذ 1400 سنة. كانت في تلك الايام تعالج قضية الاسلام وتدعوا على الاعداء وتلهب حماسة المسلمين على اعدائهم، حيث انها الحرب، ولكننا طوينا تلك الايام، والكارثة وحتى اليوم لا زلنا ندعي على الكفار ونحرض في كل خطبة جمعة عليهم ونسينا كل مثالبنا وعذاباتنا الماثلة . ندعي عليهم والملائكة تقول ولكم أمثالها.
فاروق المفلحي. كندا