لعل الرصاص والصراعات والاغتيالات الكثيرة التي تشهدها بلادنا منذ 50 عاماً واختلاف التوجهات والآراء تؤكد أن كل تيار يفكر في مصلحته فقط ولا ينظر إلى وطن وشعب الجنوب المطحون الذي لايزال يواصل النزوح إلى بلدان الجوار وغيرها، ويعانون أشد المعاناة في كل نواحي الحياة بدءاً من رغيف الخبز والدواء إلى عدم حصوله على راتبهم الشهري مصدرهم المعيشي الوحيد.. تراهم يقفون في طابور طويل أمام مكاتب البريد وكأنهم يطلبون صدقة لله، كما تشاهدهم في بعض من الأحيان يسقطون قتلى وجرحى من مشاجرات تحدث بين الواقفين في الطابور أثناء استلام الرواتب، ناهيك عن الأشخاص العجزة الذين يفقدون وعيهم في انتظار استلام المعاش الشهري، والبعض منهم يموت، مروراً بالمعاناة اليومية أثناء قطع الطرق والشوارع مثل: كريتر، المعلا، جعار، الشيخ عثمان، دار سعد، ولودر وغيرها من المدن التي تكتظ بالقاطنين.
أيضاً تحولت القمامة في بعض المحافظات إلى أكوام عالية لا يجب أن تكون، كما أصبحت الشوارع مواقف عشوائية للحافلات الكبيرة والدبابات الصغيرة نراها تتمخطر، واحتلت الميادين والنواصي وخصصت مواقف عشوائية تعطل الذاهب والعائد بلا أدنى مسئولية لتخريب الشارع وفرض أجرة زائدة عن المقرر على الركاب وتغيير خطوط السير وحتى الحصول الصعب على أسطوانة (البوتاجاز) التي صارت في عصر الفوضى والانفعالات عملة صعبة من المستحيل الحصول عليها بسهولة، وإن تم الحصول عليها فإن ثمنها (4 آلاف ريال).
لايزال المواطنون يتجرعون التعب والعذاب أثناء سعيهم للحصول على (دبة بنزين)، فالطوابير طويلة مع أن بلادنا تنتج النفط ولكن حسب المثل الدارج (وكأن عامرا لم يتسوّق) تجد الكثير من المواطنين يعانون معاناة حرارة الجو الذي لا يطاق وضياع أوقاتهم في الطوابير للحصول على دبة بترول لسياراتهم.. ارحموا المواطن خففوا من على كاهله الأزمات والمعاناة اليومية والتعب الذي يعيشه المواطن البسيط كل يوم ولم يعد يهتم إلاّ بتوفير متطلبات الحياة المعيشية لأسرته فقط.. أصبح كل اهتمام المواطن متابعة حاجيات أسرته من ماء وبنزين للماطور والسيارة والكهرباء هل (لصيت - طفيّت) ومتابعة راتبه الموقوف... إلخ.
أصبح المواطن يعيش في دوامة ذات (سبع دوخات) لم يسأل ولم يهتم عن ما يجري في البلاد من صراعات القصد منها الوصول إلى السلطة وإلى النفوذ وتحقيق المكاسب الشخصية والمنافع الذاتية.. أصبح متفرغا لتوفير حاجيات بيته فقط، لا يريد السماع عن ما يجري من مهاترات وصراعات بين ممثلي الهيئات السياسية ومنظمات المجتمع المدني ومن في حكم ذلك، بينما البلاد وهمومها غائبة عن الجميع لا أحد يفكر بصورة جدية عن مصلحة الوطن العامة، نسي الكل أرض الجنوب الذي عاشوا فيه وتربوا على خيرات وديانه وسهوله وتحت سمائه..
أصبح كل شخص الآن يفكر في نفسه، فنرى البعض يهدد بالسلاح والآخر يهدد بالاعتصام وثالث بالمسيرات والإضرابات كل هذا ضد من؟! .. حرب ضد وطنه وثورة ضد شعبه المغلوب على أمره، وتريد هذه المجاميع أن تعيش في هذا الوطن.. بصراحة الأوضاع في الساحة حالياً عبارة عن خيوط ممزقة بين الجميع.. للأسف أن الحال في ظل المصالح الشخصية صارت تطغى على الصالح العام، أصبح الشعب هو المسئول الأول والأخير عن ضرورة أن يحسن الاختيار في حالة إن صارت انتخابات برلمانية ورئاسية قادمة لابد من اختيار رئيس يحب الجنوب أكثر من حبه لنفسه، يجب عليه أن يحب شعب الجنوب أكثر من مصالحه الشخصية، نظيف اليد ليس من عتاولة الفساد، يحب الصالح أكثر من حبه للسلطة والنفوذ لا يجب اختيار المزايدين ذوي الوجوة المتلونة الذين يمشون مع كل تيار مع كل مرحلة وزفة كفى.
كفى فوضى وإرباكات!! لا نريد هؤلاء المزدوجين لا نريد لهم مكانا على أرض الجنوب.. الثورة والنضال.. الجنوب الحرية والكرامة والعدالة.. لا نريد الجماعات المتبنين القروية والقبلية والمحسوبية والمذهبية والطائفية والشللية.. نريد أشخاصا مؤهلين من ذوي الكفاءات المتميزة العالية من المخلصين للوطن والوظيفة.. وفهّموا من لا يفهم!!.
أحمد عبدربه علوي