بشائر الثقة بين السعودية والعراق

2017-08-02 13:41

 

ما اثلج الصدور هو زيارة الشخصية الدينية العراقية إلى المملكة العربية السعودية، ألسيد- مقتدى الصدر- هذا الشاب المتوقد الذكاء من مواليد عام1973م وهو اليوم زعيم التيار الصدري الذي يعتبر اكبر تيار شعبي شيعي في العراق، هذه هي الزيارة الثانية بعد زيارة سابقة للمملكة قبل اكثر من 11 سنة وتأتي هذه الزيارة المباركة وكأنها سحائب غيث على أرضٍ جديبة.

ولقد تناقلت وكالات الأنباء أن رجل الدين- مقتدى الصدر- سوف يقابل ولي العهد صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود ، وفي يقيني ان هذه الزيارة سوف تدشن لزيارات اخرى متتالية ترسخ لعهود من الأخاء والتعاون الوثيق بين البلدين الشقيقين .

 

وعن العراق الشقيق فقد عانت - أرض الرافدين- من ويلات لا سابقة لها، ومنذ عهود - التتار- حتى اليوم ،ولقد اصابت العراق كل الويلات والشدائد، فبلاد الرافدين تكاد تكون الاكثر نزيفاً والأكثر صبراً والاكثر تحملاً من بين بقية الدول العربية حيث عانت من حروب وفتن طالت وإستطالت. نعم أصابت -العراق- وسحقتها الحروب والأحتلالات والفتن فمزقتها واوغلت في تمزيقها لعقود طوال وكأن العراق اصابها النحس وعين الحسد.

 

فهل تبدأ عهود المصالحات بين إلأشقاء ؟

وهل لهذه الزيارة الشديدة الأهمية، وخصوصاً في هذه الزمن الصعب، ما يجعلنا نستبشر بها خيرا. هناك ما يجعلنا نثق ان سنوات الفرقة قد طوت مراحلها المؤلمة، وان بلداننا العربية على مشارف ترسيخ الوئام والمودة المستدامة الواثقة، ونبذ الخلافات والتي هي بفعل فاعل، ودخيلة على اخلاق الأمة وثقافتها ودينها الحنيف.

تذكروا ان العالم من حولنا يتصالح ويتلملم ، ويشرع في تدشين علاقات قارية متراصة ومترابطة وموثوقة،وهناك اسواق مشتركة وتسهيلات في السفر والتنقل والتجارة البينية، وتذكروا ان الخلافات المذهبية صنيعة وليست طبيعة فينا، وكانت هذه الخلافات محض ذكريات غير ذات شأن، و قد طواها النسيان لقرون خلت، فأتى من يذكرنا بأوجاعنا ويبعثها من مراقدها، فصرنا وقودها نصطلي بنيرانها وجحيمها.

 

وعن العراق فهو سفر تاريخ الامة العربية والإسلامية. وبغداد تعتبر مهد التاريخ والحضارات الإنسانية ومنذ عهد- حمورابي-. ولا ملاذ لنا الا أرضنا ولا عروة وثقى تشدنا الى بعضنا اكثر من ديننا وأخوتنا وثقافتنا. إن مهادنا وحضننا هي ارضنا العربية التي تمزقت وتنافرت وانهالت عليها سكاكين الغدر والخيانات والغل، فاصبح اهلها الكرام يعيشون الشتات والفواجع والويلات .

 

تقاربوا ورصوا الصفوف، وتعلموا من مُرهقات الأيام ونكباتها، تعلموا أن تكبروا على الجراح وتتسامحوا. إن من يصنع التغيير همو الحكماء والعقلاء والمتسامحون، من يتذكرون التاريخ من خلال فصوله المضيئة وليس من خلال معركة كربلاء وسنوات البلاء. وليدركوا اهلنا في العراق والخليج أننا فقدنا لغة الحوار فتشظت بلداننا وقست قلوبنا، فاستولت على افئدتنا الشكوك والرِيبة والبغضاء.

 

وقِيل- في البدء كانت هي الكلمة- اذن تحدثوا الى بعضكم وتحاورا، ولنسمع بعضنا بعض بواعث وسرائر مشاعرنا وخلجات نفوسنا، ولنستلهم من خلال الحوارات كيف نحقق لهذه الأمة إستقرارها وأمنها ومنعتها، بعد ان طحنتها الفتن ومزقتها حراب الشكوك والأحقاد .

إن وعينا يسعفنا لنجدة أنفسنا من هذا الغرق، ولكننا نحتاج الى من يدق ناقوس الوعي والصحوة في عقولنا وضمائرنا.

فاروق المفلحي. كندا