لم يثر حفيظتهم وطن تتقاذفه الاهواء والرغبات الفاسدة ، ولم يحرك ضمائرهم سنيين القهر والضياع الذي عاشها شعبنا منذ الإحتشاد التاريخي للجنبية والجفير ، وتلاقح المذاهب المارقة من رميتها كالسهام ، وصعود الفتوى الخيانة من مخالب غدر أدمنت إمتهان كرامة شعب ليصبح بعدها تحت رحمة جلاد متكبر ووحشية أزلامه المسوخ حتى بلغت القلوب الحناجر ..... لولا " عاصفة الحزم " خيار الحق ومدد الأمل والإنتصار .. فشكراً للتحالف العربي
لم يستفزهم سفاهة السقط والاراذل وهم يسومون مواطنيهم ذلاً وهواناً موغلاً في صقيع القبح والتوحش ، واليوم كالتماسيح تنهمر مآقيهم بدموع غادرة في مبكى وطن يرون في حريته دونهم ضياعاً ومغامرة وعبث ، فأوعزوا لصبيانهم ليسلقوا الشرفاء بألسنة حداد حسداً وبغضاً لا يحتمل .. ولم يثنيهم عن غيهم ذكرى مواجع ملحمة الهروب التاريخية العابرة للحدود ليتعضوا .
إنهم المثبطون غريبي الأطوار .. يتواجدون حولنا في كل مكان عملهم الدائم في الحياة نشر السوداوية والشؤم وبث روح الهزيمة ، ينضحون ما بدواخلهم من قاذورات لتنصب على مسامع الناجحين ، تجدهم متربصين مرابطين ليصدحوا بسلبيتهم وتشاؤمهم وربما سخريتهم كلما جد جديد وكلما تجاوزهم المدى ..
تطوعوا لخدمة العدوا بالإستماتة للنيل من كل عمل فريد ناجح ومتميز .. يستفزهم النجاح ويصيبهم في مقتل كل جهد جنوبي جماعي مثابر .. تغشى وجوههم غمة حين يتحرر الرجال من قيود الإستكانة ويرفعون رايات النصر والظفر ولا ينسبونه إليهم ..
يثرثرون بدونية وبدون ضوابط فقط لأن ذلك يسعد نفوسهم المريضة الأمارة بكل سيء وقذر ..
يزرعون اليأس والإحباط في النفوس الكبيرة والطموحة .. وشعارهم لا يعنينا وإن دق الخطر أبواب منازلهم ..
لكن الأدهى والأمر إن لهم " سًَمّاعُون " مطيعون
قال تعالى : عن فرعون " فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " فالمشكلة ليست في " استخفاف فرعون بقومة فقط " بل المشكلة الأخطر هي "فَأَطَاعُوهُ " ولو لم يطيعوه لبقي وحده ، ويقول الله تعالى عن المنافقين : "لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ " فالخطورة " وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُم ْ" أي هناك من يستمع منهم ويتأثر بقولهم ، ولاحظ اللفظ القرآني " سَمَّاعُونَ " أي كثيرا ما يستمعون إليهم ، وإذا كان هذا في المجتمع المثالي وهو مجتمع الصحابة رضي الله عنهم فمن باب أولى مجتمعنا الحاضر .
إقرأ معي هذه الطرفة وتعلم حكمة ، فالحكمة ضالة المؤمن أنّ وجدها .. والطرفة تقول : بينما كانت ثلاث ضفادع تحيي سباقاً بقفزات سريعة واسعة !! وكان هناك عدد آخر من الضفادع يشاهد السباق .. لسوء الحظ وقعت الثلاثة ضفادع بداخل حفرة عميقة أثناء السباق ..
انطلق باقي المتفرجين من الضفادع ووقفوا على شفيرالحفرة.
أخذت الضفادع الثلاثة تقفز بكل قوة محاولة الخروج من الحفرة ؟ وباقي الضفادع تصفق وتصرخ : “لا جدوى للمحاولة فالحفرة عميقة . وبعد عدة محاولات واستمرار من هم على شفا الحفرة بالهتافات أن لا جدوى من المحاولة ، إستسلمت اثنتان ، لكن الثالثة استمرت تقفز بكل قوة .. تقفز وتقفز .. وكلما علا الهُتاف كلما زادت من قوة القفز . وبقفزة قوية خرجت تلك الضفدعة من الحفرة ونجت !!
ياترى مالذي حفزها على ذلك رغم التثبيط الذي لاقته هي وزميلاتها من الأخريات ؟
ببساطة كانت تعتقد من رؤيتها حركة باقي الضفادع في الأعلى أنهن يشجعنها على القفز فمنحها ذلك طاقة لمتابعة المحاولة فنجحت .. لم تكن لتنجح لو أنها سمعت هتافهم .. ولكن لحسن حضها إنها كانت صماء لاتسمع ...
فمن الحكمة أحياناً أن لا تستمع لكل ما يدور حولك فقد تكن هزيمتك فيما تسمع .
دعونا نتفائل ونرى النصف الممتلئ من الكوب ، ونترك المثاليات التي ليس لها من مكان إلا في بطون الكتب والمجلدات والسير ، فلم تكن يوما السلطة بيد جميع الناس ، وليس هناك في الواقع وطن يحتكم لجميع أبناءه ، وإلا لما جعل الله سنة الإختلاف قائمة الى يوم يبعثون .. ولكن حيثما تكون الأغلبية فثمة وطن .
وكجنوبي أدرك أين تكمن مصلحتي سيكون شعاري دوما : ( المجلس الإنتقالي الجنوبي يمثلني )
د محمد الزعوري