ليس للحرب صفة واحدة ٱومعنى واحد ووحيد وأن كانت الحرب بشكلها العسكري الدموي القاتل والمدمر هي الأبرز والمفهوم الأكثر رسوخا في أذهان الناس بكونها التعبير عن أعلى درجات العنف الذي يمارسه الإنسان ضد أخيه الإنسان وتحت ضغوط وظروف معينة وبدوافع وأهداف وعناوين مختلفة --- علنية وسرية --- وبمبررات عديدة لتسويق مشروعية هذه الحرب أو تلك بمافيها الحروب الظالمة المتسمة بالعدوان السافر وغير المشروع على الغير .
ومن هذا المنطلق فٱن الجنوب قد شهد ومازال يشهد كل ٱنواع الحروب التي تشن عليه ؛ فمن الحرب العسكرية الهمجية الثانية وبوجهها الجديد المزدوج ( الحوثي العفاشي ) التي مازالت دائرة في بعض مناطق الجنوب الحدودية إلى : --
* حرب المفخخات والإغتيالات والتفجيرات والأحزمة الناسفة ..
* حرب الخدمات وفي أهمها على الإطلاق في حياة الناس كالكهرباء والصحة والمياة والصرف الصحي ..
* الحرب على موظفي الدولة وفي كل القطاعات والمؤسسات تقريبا من خلال قطع المرتبات عليهم لأشهر طويلة بل وقطع معاشات المتقاعدين ..
* الحرب غير المعلنة على السلطات المحلية في محافظات الجنوب المحررة من خلال حرمانها من الموازنات التشغيلية ناهيك عن إنعدام خطط التنمية بهدف تقييد حركتها وإثارة سخط الناس عليها وإظهارها أمامهم كعاجزة عن حل مشاكلهم وهمومهم وما آكثرها ..
* حرب إعلامية شاملة منظمة ومنسقة بين مختلف القوى الشمالية المعروفة بعدائها للجنوب بما فيها الجناح الشمالي في الشرعية مع الأسف ؛ ولعل الإصرار على عدم عودة تليفزيون وإذاعة عدن إلى مقرهما في العاصمة عدن لخير دليل على ذلك ..
* الحرب النفسية المشتعلة ضد الجنوب والجنوبيين على مدار الساعة من خلال الشائعات والتسريبات الخبيثة والأخبار المفبركة عبر الوسائل الإعلامية الموجهة على تعدد ٱشكالها وشبكات التواصل الإجتماعي والهادفة إلى إثارة حالة من عدم الإستقرار وهز ثقة أبناء الجنوب بأنفسهم وبعدالة قضيتهم الوطنية العادلة والمشروعة وإثارة النعرات المناطقية وإذكاء وتغذية روح العصبية القبلية والجهوية بينهم والنبش في ملفات الماضي وصولا إلى إشعال نار الفتنة المدمرة كما يخططون لذلك ويأملون بحدوثها عبثا وقد خيب الجنوبيين آمالهم في كثير من تلك المحاولات وإشغال الجنوبيين بأنفسهم وجعلهم فريسة سهلة لمشاريعهم وإضعافهم وجعلهم يقبلون على أقل تقدير بما يعرض عليهم من تلك المشاريع التي لن تكون مقبولة في كل الٱحوال والظروف وما يمكنهم فعله هو مد ٱمد المواجهة معهم وهي مفروضه ولا مفر من ذلك إن كان ذلك هو خيارهم المفضل وهو الخيار المدمر للجميع ولن يصمد طويلا أمام إرادة الجنوبيين ؛ ومع هذا فأننا نأمل أن تصحو الضمائر وينتصر العقل والحكمة والواقعية السياسية عند هؤلاء ولمصلحة الشعبين راهنا ومستقبلا والتسليم بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم وتقرير مصيرهم بأنفسهم وبإرادتهم الوطنية الحرة ..
ٱن كل ذلك يعبر وبوضوح عن مدى شراسة الحرب ضد الجنوب وتعدد وسائلها وٱدواتها وميادينها وٱبعادها وهي ليست إلا بكونها تجليات رئيسية لكل ما يحاك ضد الجنوب وقضيته لٱن هناك ٱبعاد ٱخرى تشمل التاريخ و التعليم العام والجامعي والثقافة والفنون والعلاقات الإجتماعية وتخريب الحياة السياسية عبر محاولات التفريخ المستمر ( لمكونات مسخة ) ومنظمات وهمية وغيرها وبمسميات ومهام متعددة عبر المال السياسي وتشجيع التجنحات والإنقسامات داخل مكونات الحراك الرئيسية وفصائل المقاومة وحيث ما يمكنها فعل ذلك وهي سياسة متبعة منذ زمن بعيد غير ٱنها ٱزدادت حضورا في هذه الظروف لتتناغم مع وسائل الحرب الٱخرى ..
ٱن كل هذا لا يقابل بالعمل المؤسسي المنظم وخطط التصدي المتسقة مع طبيعة التطورات والشاملة لكل ميادين الحياة ولا بالإهتمام الجدي المثابر والمطلوب مع الٱسف الشديد من قبل بعض الجهات المسؤولة وبعض المعنيين بالٱمر من القيادات و ( النخب ) السياسية والإعلامية والفكرية ونشطاء ( المجتمع المدني ) وهي حالة لا ترتقي إلى مستوى التحديات والمخاطر الماثلة وهي المهمة التي لا ينبغي التردد في تٱديتها فهي مسؤولية كبرى تقع على عاتق الجميع والتصدي بحزم ومسؤولية وإرادة وطنية ثابته لكل الحرب الدائرة على الجنوب وبكل عناوينها ؛ فمعاركنا كثيرة ومتعددة الميادين والٱبعاد ولا وقت للتهاون والإسترخاء واللا مبالة ٱو عدم الإكتراث بتفاصيل ما يجري على الٱرض فإن لم يسخر الوقت لصالح الجنوب فلن يكون إلا ضده وفي مصلحة خصومه وٱعدائه ولن تكون البيانات والتصريحات وإعلان المواقف على أهميتها بديلا عن إيقاع الحركة المتناغمة بين كل القوى السياسية والمجتمعية الفاعلة وعلى إمتداد الجنوب والتحرك على كل الجبهات والميادين وبالمتاح الممكن من وسائل العمل ؛ فبالعمل والعمل المنظم وحدة تتحرك عجلة الحياة في الجنوب لتصل بثقة وآمان إلى محطتها الأخيرة !