الإنتقام الشعبي من تنابلة السياسة الفرنسية

2017-06-13 21:45

 

عن الفوز الثاني في الجولة الأولى لحزب - الجمهورية إلى الأمام - الذي ليس له تاريخ يذكر سوى سنة واحدة من تاسيسه . فاليوم حصد حزب - الجمهورية إلى الأمام - في الإنتخابات التشريعية او البرلمانية ، بقيادة الرئيس الفرنسي الشاب -ماكرون- حصد 32% من الاصوات في الجولة الأولى. وننتظر يوم الاحد القادم لنسمع عن نتائج الجولة الثانية بل لنسمع عن مجزرة تنابلة الأحزاب العتيقة والشخوص الأحفورية. تنتظر فرنسا مسحهم من على خارطة التاريخ السياسي الفرنسي ولا عزاء ولا بواكي عليهم .

من هو - أمانويل ما كرون. انه اليوم رئيس الجمهورية باغلبية كاسحة. ولا يملك هذا الشاب الفذ من الخبرة السياسية ولكنه يملك الذكاء وسعة الأفق والصدق ووهج الشخصية، والقدرة على التواصل مع الأمة الفرنسية وأستنباط الافكار والحلول بروح تواقة وشفافة وإقتحامية .

ورغم ان الاقبال في الجولة الثانية من الإنتخابات التشريعية او البرلمانية كان ضئيلاً ، فأن الاغلبية منهم قد هبوا لمنح اصواتهم لحزب -الجمهورية ألى الامام- بعد ان ترسخت للشعب القناعات، بان الرئيس الفرنسي الشاب والذي لا يعشق السياسة ولم بحترفها ، أقتناعهم ان لديه من الحلول وسعة الأفق والتسامح ما يدفع المواطن العادي الى ان يمنحه بكل ثقة صوته.

لقد كشف الرئيس الفرنسي - ماكر ون - عن حقائق او مفاهيم الهمت الشعب الكثير من الامال ، بعد سنوات من التحذلق والرتابة والملل. كانت وقود معركة الرئيس الشاب ، صدقه ووعية وذكائه واخلاصه لشعبه واسرته وعلى الأخص لزوجته ومدرسته - بريجيت - التي عشقها ذلك الشاب الذكي المتوقد، وتزوجها وهي تكبره باكثر من 24 عاما. كان عمره حين تزوجها 17 عاما وحينها كانت -المطلقة- بريجيت- قد بلغت من العمر عتيا ، حيث انها كانت قد بلغت من العمر 41 عاما .وهذا الحب صادف قلباً خالياً- فتمكــّن- .

أخلص الشاب الذكي الصادق - ماكرون- لحبيبة عمره - بريجيت - وبقي على عهده ووعده، زوجاً صالحاً موثوقاً ، بينما الخيانات كانت تملىء قصر الأليزيه، فالرئيس - ميتران - خان زوجته و تزوج سراً، والرئيس - ساركوزي- وحينما أعتلى سدة الحكم طلق زوجته وتزوج بعارضة أزيا فاتنة، اما الرئيس - أولاند- فقد كشفت سره الصحف حيث كان يتنقل ليلاً بدراجة ناريه، ليمضي الليالي الحمراء مع عشيقته، وحين أنكشاف امره، اصيبت زوجته بنوبة قلبية وبعد أن تماثلت للشفاء طلبت الطلاق.

هذا الشاب - ماكرون- ورغم وسامته وأناقته وحضوره اللافت ، احب واخلص بحبه ، وهو بهذا اثبت انه لا يخاتل ولا يخون كبقية ساسة ورؤساء فرنسا الذين يخونون زوجاتهم نهارا جهارا، ولا تعتبر في فرنسا وفي القانون الفرنسي الخيانات الزوجية سوى قضية خاصة وشخصية ولا تتسبب في إستقالة الرئيس او الوزير .

من اسباب نجاح حزب - الجمهورية الى الامام- ان اعضائه بل ووزراء حكومته لم يمر على بعضهم في مهنة السياسية سوى بضعة اشهر، وهو يقول لقد أتيت لاضع المخلصين الصادقين في سدة الوزارات ونايت عن محترفي السياسة وسدنتها . ومن أختارهم من شخوص للوزارات وكان ذلك عبر لجنة تمحص بماضيهم النقي الصادق من أختارهم جلهم من الشباب مهندسين وموظفي بنوك ومزارعين ومنهم المتخصصين في الاحتباس الحراري والبيئة ومنهم من يعتنق ثورة التواصل الرقمي ، ومنهم من عشق الاخلاص ووطده في حياته الوظيفيه فنال ثقة ترشيحه لمنصب الوزارة .

نأى الرئيس ماكرون عن ترشيح وزراء من دهاقنة الساسة، ومحترفي الخطب الرنانة، فهولاء يتخذون من السياسية مهنة واسترزاق وتظاهر وتفاخر .

كما كره الشعب الفرنسي - المتفيقهين - والزواحف والأحافير ومخرفي السياسة، فهم يكسبون من السياسة ويعتبرونها مهنتهم وهم مثل رجال الأديان، يحتروفون الدِين، ويتكسّبون منه، ويسحرهم تموضعهم امام الشاشات و أعتلاء المنابر، يتربصون بوعينا ويسددون في عقولنا المرهقة - المواعظ - وهم عنها معرضون .

كلمة اخيرة. يقولون في الغرب، راقب الشخص في المسائل الصغيرة فهي تكشف طواياه . اما المسائل الكبيرة فهو يتحكم بها ويراقب نفسه حينما يــُقدم عليها.

ربما أدرك الشعب الفرنسي ان رجلاً بذكاء ووسامة وموهبة - ماكرون- يستطيع ان يدوخ نساء فرنسا بشخصيته وحضوره وأناقته، ولكنه اخلص لزوجته - المُعمرة - المتواضعة الجمال. ولقد تحدثت عنه الصحف وقالت ان من يخلص لزوجته - المُسنة - لجدير بأن يخلص للوطن الفرنسي وشعبه ، الذي يستحق التفاني والحب والإخلاص.

وخلاصة الكلام ، لا يهم ان تكون الدولة ملكية او قيصرية او إمبراطورية او ديمقراطية او دكتاتورية ، ما يهم هو- تشبيبها- وتخليصها من الأحافير وسدنة السياسة ودهاقنتها ، فالشباب طاقة وجموح وابداع، وتوق الى التنافس والتغيير واقتحام الصعب بل وقبل نيل هولاء الشباب شرف زعامة الامة، لنسال عنهم ونتمحــّص، وهل تعفرت ابدانهم بغبار الحياة ووعثاء المصانع والمزارع ؟ . هولاء هم - ملح الارض - وهم من يكرهون التزييف وتنميق القول .

ورب أشعثٍ اغبر لو أقسم على الله لأبره.

 

*- فاروق المفلحي – شاعر وكاتب سياسي – نرانتفورد كندا