لم تكن المشاريع الوحدوية العربية مبنية على أسس واقعية وبحسابات دقيقة تراعي توازن المصالح وتهيئة مناخات جاذبة لتحقيقها ومع الاسف فان أول القاتلين لها في العرب هم الاكثر تشدقا بها.
واعلان الوحدة اليمنية عام 1990م كانت في ظروف غير ملائمة لها وغلب عليها الشحن العاطفي ولم يكن في الطرف الشمالي من يريدها غير الرئيس صالح وفي الطرف الجنوبي ﻻيختلف الحال عن بعضه كان البيض تقريبا الوحيد من حرص على اعلانها وفق الاتفاقيات الوحدوية التي ورثها عن من سبقوه في حكم الجنوب.
وليس سرا أن حزب الاصلاح والجنرال علي محسن الاحمر هم من اختلقوا المشاكل في طريقها وشنوا الحرب عليها في 27 ابريل1994
واصبحوا بعد احتلال الجنوب في 7/7/94 وتوزيعه غنائم بين شيوخ الدويلات القبلية والطائفية والقيادات العسكرية من اكثر الاطراف تمسكا بتلك الغنائم تحت عباءة الوحدة التي انتهت قانونيا بقرار فك الارتباط في 21 مايو 1994م.
وهنا تدخلت الاجندات الاقليمية والدولية واستقطبت قادة تلك الدويلات المتخلفة التي كانت تتقاسم نفوذ الحكم في العربية اليمنية وفي عام 1997 م نظمت تلك الاطراف وهي التي تننازع الحكم اليوم وانقسمت شكليا بين متمردين مسنودين من ايران وبين شرعية "مخاتلة" مسنودة من دول التحالف العربي' وهي مع ايران وبالطبع دولة قطر.نظمت ندوة في صنعاء "بعنوان الجزيرة العربية في عالم متغير.." وهو عنوان خطير لم تلتفت له دول الجزيرة والخليج.
وفي 7/7/2007 اندلعت حركة احتجاجات الحراك الوطني الجنوبي السلمية والتي جابهتها قوات الاحتلاا اليمني بوحشية لم يلجأ اليها حتى جيش الاحتلال الاسرائيلي ضد الفلسطينيين وسط صمت عربي مخزي.
لقد كان ناشطي الحراك الوطني الجنوبي يعرفون انهم لا يجابهون عصابات العربية اليمنية وانما يتصدون لمشروع معادي لدول وشعوب الجزيرة العربية ومنها الجنوب العربي المحتل والخليج العربي ومصر ان لم يكن الوطن العربي قاطبة متخفيا تحت عباءة الوحدة اليمنية غير ان الاشقاء مع الاسف انشغلوا بهمومهم وهي كثيرة .
حتى نهاية مارس2015م وتدخلت دول التحالف العربي بالضربات الجوية التي لم تمنع قوات الحوثي وعفاش المدعومة ايرانيا من التوغل الى احياء في محافظة عدن ومحافظات جنوبية اخرى تصدى لها ولمشروعها المعادي للعرب شعب الجنوب العربي ببسالة وقدم خيرة ابناءه للدفاع عن وطنه واستقلاله وعن دول وشعوب الجزيرة والخليج واستطاع بفضل من الله ثم بدعم الاشقاء في التحالف من هزيمة المشروع الفارسي وتحرير وطنه في 14 يوليو 2015م لكن مع الاسف تنكرت دول التحالف لتضحيات شعب الجنوب العربي وجيرت نصره لصالح شرعية مزعومة سلمت العربية اليمنية كاملة لللحوثيين والمشروع الفارسي وﻻذت بالفرار ثم واصلت فرارها من الجنوب قبل ان تبدا الحرب وهذا كله يشير الى تواطئ الشرعية مع الحوثي وتبنيها للمشروع الفارسي حتى تكشفت اوراقها بمحاولاتها معاقبة شعب الجنوب ونشر الفوضى وجهودها المخلصة في اعادة الحوثي وعفاش والمشروع الفارسي الى الجنوب تحت حجة الحفاظ على الوحدة اليمنية المقبورة والشرعية الفاسدة .
لقد باتت الامور واضحة وفي اعلى درجات الخطورة بوصول القوات الايرانية الى سلطنة عمان من خلال المناورات العسكرية والى تواجدها المباشر حاليا في دولة قطر على مرمى حجر من السعودية ومن دولة الامارات العربية المتحدة بحجة حمايتها ومعها قوات تركية لنفس الغرض الظاهري.
ولم يبق مع اطراف الصراع " الوهم" اليمنية غير بسط سيطرتها مجتمعة على الجنوب العربي ودخول القوات الايرانية الى عدن والمهرة وبقية محافظات الجنوب العربي لتكتمل دائرة النفوذ الفارسي على شبه الجزيرة والخليج العربي ثم الانتقال الى الهدف السمين شمالا مما يشير الى ان ضلوع اطراف صراع "الوهم "' اليمنية في اجندات خفية تعود الى تاريخ تلك الندوة بعنوانها الكبير والخطير "الجزيرة العربية في عالم متغير" وهو السيناريو الذي يتم التحضير له حاليا ان لم تتدارك دول التحالف العربي الامر بسرعة قصوى باعادة التوازن الجيوسياس الذي توفره دولة مستقلة في الجنوب العربي تسد الفراغ الامني في شرق السويس قبل فوات الاوان ان عاد في الامر متسع الوقت.
*علي محمد السليماني*
صحفي وباحث في تاريخ
الجنوب العربي القديم