كنت في حديث عن آخر التطورات المتسارعة التي تعيشها الجنوب. كنت في حديث مع صديق لي في العاصمة الكندية أتاوا، فكان أن سألني عن رأيي حول المستجدات ؟ فكان ان رددت على مسامعه. فقلت - اللهم إنـّا لا نسالك رد الإنفـــصال ولكن اللــــطف فيه -.
واقولها عن بعض الفهم واستقراء للأحداث، ان الجنوب شب عن الطوق ولن يقبل الوصايات او تشنف مسامعه أناشيد ومواويل الوحدات ، او ترهبه التحشدات . ولقد صدمت الشعب الوحدة وأرهقته واضاعت عقود من عمره فبغضها ، ومن شاف ما يكره فارق من يحب .
كيف السبيل إلى قبول الأمر بدون اي حنق او تخوين او تهديد من قبل اشقائنا في الشمال وخصوصا الساسة ؟ وهذا سؤال مهم بل وكبير، وبكبر الوطن الكليم من صعدة إلى المهرة. والإجابة عليه لا يقدمها متابع ولا سياسي ولا مكون او حزب بل من يجيب عليه هو دول التحالف التي اصبحت هي الفاعل والحـَكم في عمق الساحة اليمنية، وهذه الدول هي التي بيدها فك الإشتباكات المتوقعة وهي قادرة ان شاء الله على ان تلغي- القسمة الضيزى- التي اصابت الجنوب بمقتل .
هناك من سيدق طبول الحرب وهناك من سيتوعد وهناك سيحرض، بفعل فقدانه مصالحه الواسعة والزاخرة في - جنات عــدن- ولكن مهما بلغ الغضب منتهاه والحشد ذروته ، فهناك من سيردع ويمنع ، على ان الحق والحقائق هي التي ستسود على الأرض.- فنواميس الكون هي الغالبة فلا نصادمها-.
وفي تصوري أن الأمور سوف تتصاعد وتتوتر ثم تعود مرحلة التعقل والرشد ، بسبب توازان الإضداد ، هذه التوازن يعني ان الصراع او الأقتتال سوف لن يكون في صالح طرف ظالم يستنفر صرعته ، وان هناك بعض الدول التي سوف تحمي الجنوب من مغبة الأجتياحات او خلخلة البنى الأمنية .
وكمتابع لمسلسل نيل إستحقاق -الحكم الذاتي في الجنوب - فأنني لن الوم اشقائي في الشمال وأعني بهم العامة من الشعب المرهق المثقل بهموم الحياة والحالمون بوطن مفتوح الابواب متناغم في وعيه ومحبته وتعايشاته.
لأن الأشقاء في الشمال إذا تالموا وتوجعوا وتأسفوا ، لكن اللوم الحقيقي يجب ان يتوجه الى من اسس لبيئة الإلغاء والتكاره والإقصاء وأجهض الأمال ،ودجــج القتلة بسلاح القناصات والكاتمات، ومن الغى عنوة أخيار الامة، وحول قادة افضل الجيوش العربية تنظيما وشجاعة ، حولهم الى باعة - قات- وسائقي سيارات أجرة ، ومن أحال عدن الى مدينة بائسة حسيرة ، وسلمها عنوة للظلم والظلام وعتاة العسكر والعسس والدواعش.
على ان هناك سجايا يجب ان تسود أخلاقنا في كل ظروف الحياة ، وهي مــُثل كرسها المحافظ المعين الشيخ عبد العزيز عبد الحميد المفلحي. في خطابه المدهش الرصين في - عدن- حينما أدهشنا بتلك الكلمة او الوثيقة الوطنية، فهي منهج وسيرة، ويجب ان نتمسك بكل نصيحة قيلت فيها.
أكد -المفلحي- ان الاختلاف من طبائع الحياة ، لكن ثوابت الحياة وروعتها هي في قبول الإختلاف وتكريس المحبة ، وهي التي يجب ان تسود بين الشطرين، وان الحدود وان كانت مرسومة على الخرائط فانها ملغية من قلوبنا، فنحن معا سنشق وعلى طول دروب الحياة مصائرنا، فلا كراهات او تحاقدات او تلاقبات.
نعم لا خير فينا ان خاصمنا الإنسان البسيط أو إنزلقنا إلى التنابز بالألقاب ، اوأقمنا وعلى طول حدودنا الأسلاك الشائكة، وتربصنا بل وأسمعنا بعضنا جارح القول وذميمة ، فهذا ما يتمناه المتربصون بنا، ومن يزجون - عنوة- بوعينا الى مهالك الجهل والشحناء والتباغض.
وكلمة أخيرة اقولها. لا تصادموا الثوابت فالثوابت هي الغالبة .