تعد منطقة الجنوب العربي من أهم مناطق التماس في الصراعات الدولية والاقليمية منذ الحضارات العربية الجنوبية القديمة وحتى الاحتلال البريطاني لعدن عام 1839م "بله المعترك الراهن" نظرا للموقع الجيو-سياسي لسواحل جنوب شبه الجزيرة العربية الممتدة من باب المندب في سلطنة لحج غربا الى سواحل سلطنة المهرة شرقا ..
وبعد جلاء بريطانيا من الجنوب العربي في الـ 30 نوفمبر 1967م كثر الحديث عن الفراغ الامني الذي يتهدد الاقليم والمصالح الدولية لكن استطاعت دولة الاستقلال رغم الاخطاء الكثيرة في سياستها اقول بكل ثقة استطاعت دولة الاستقلال للجنوب العربي ( دولة ج.ي.ج.ش) ان تبدد تلك المخاوف ازاء الحفاظ على المصالح الاقليمية والدولية وان تضطلع بواجباتها الدولية على اكمل وجه رغم محدودية علاقاتها الديبلوماسية واقتصارها في الغالب على دول المنظومة الاشتراكية بقيادة الاتحاد السوفييتي وموجات العنف السياسي المحدودة التي ميزت سمتها الايدولوجية كحالة نشاز في المنطقة ..
وبعد اعلان الوحدة بين الدولتين في الجنوب وفي الشمال مايو عام 1990م شهدت المنطقة اهتزازات واضطرابات من القوة والعنف والاتساع بمكان وعلى سبيل المثال لا الحصر غزو قوات صدام حسين لدولة الكويت واحتلالها في 2 اغسطس من نفس العام سقوط نظام الرئيس الصومالي زياد بري وظهور الفصائل الصومالية انتشار التهريب للبشر والمخدرات والسلاح الى دول الجوار نتيجة لفشل دولة الوحدة اليمنية وعجزها الكبير في تقديم مشروع عربي بوحدة عربية جذابة ويحكم سيطرته على تلك الرقعة الجغرافية الاستراتيجية المهمة للمصالح الاقليمية والدولية وللامن القومي العربي ..
وجاء انتشار التنظيمات الاسلامية المتطرفة التي حققت الانتصار للجمهورية العربية اليمنية في حرب صيف 1994م على جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية وشهدت المنطقة انتشارا واسعا لمايسمى بالفتاوى الدينية والمعسكرات التي تقيمها دولة الجمهورية العربية اليمنية في الجنوب لتلك الجماعات اﻻرهابية المهددة لأمن الجنوب العربي ولمصالح القوى الدولية كما توسعت ظاهرة القرصنة البحرية حتى اندلعت الحرب الثانية على الجنوب في مارس 2015م مما اضطر دول التحالف العربي للتدخل بضربات جوية استفاد منها الحراك الجنوبي الذي حمل السلاح منذ يناير من نفس العام لتحرير بلاده من الاحتلال اليمني رغم شحة الامكانات والظروف الصعبة وتحقق النصر للقضية الجنوبية لكن دول التحالف جيرت النصر لصالح الشرعية وحزب الاصلاح الاخواني ولم تتمكن من تلبية تطلعات شعب الجنوب العربي كأمر فرضته الشرعية وحزبها "الاخواني" الامر الذي عاد بالمنطقة الى مربع الفراغ الامني والسياسي لمابعد جلاء بريطانيا من منطقة شرق السويس..
ان الهجوم الجرئ الذي شنته جماعات عسكرية تحت اسم القاعدة عصر امس على مقر السلطة المحلية في مدينة الحوطة محافظة لحج يدل بكل وضوح ان اطراف مهمة في الشرعية تسعى الى خلق المشاكل لدول التحالف العربي وزرع الانقسامات لاستنزافها وافشال مجهوداتها التي دخلت عامها الثالث بحادثة لحج..
إن الفراغ الامني ﻻيمكن سده مالم يتم سد الفراغ السياسي بقيام دولة الجنوب العربي التي اضحت ضرورة ليس فقط كحق لشعب الجنوب العربي وانما للامن والسلم الدوليين والحفاظ على المصالح الاقليمية والدولية وذلك ما يستوجب بالضرورة على دول التحالف العربي ان تلتقط اللحظة وتعمل جاهدة على قيام دولة الجنوب العربي الفيدرالية لكي ﻻتستغ الحالة قوى اخرى باتت مدركة جيدا للخطا الذي ارتكبته عندما تصورت انها ستجبر شعب الجنوب العربي على القبول بمشروعها بحل اﻻقليمين ﻻحكام سيطرتها على الموقع المتحكم في التجارة والملاحة الدوليين وفوجئت ان الجنوب العربي هو الوطن العربي الوحيد الذي تصدى لطموحها والحق به الهزيمة ..وهو مع الاسف يبدو انه التفكير العقيم الذي سيطر على تفكير صناع القرار في دول التحالف العربي تحت تهديدات الجنرال القوي علي محسن الاحمر وحزب الاصلاح ومن المؤكد سيرفض شعب الجنوب العربي البقاء تحت الاحتلال اليمني بيافطته القديمة_ الجديدة وسيستخدم حقه في البحث عن اصدقاء في هذا العالم لمساعدته في نيل حريته وكرامته وقيام دولته المستقلة على خط الاستقلال الوطني الـ 30 نوفمبر 1967م ولن يعدمهم بكل تاكيد..!!
*- علي محمد السليماني
28مارس2017م