قبل عامين من هذه اللحظة 21 مارس 2015م كان خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز يرفع اللواء في «قصر العوجا» عندما جمع قيادات من دول الخليج العربية ليطلعهم أن السعودية بما حملته من ميراثها ومن مسؤوليتها فقد قرّرت الاستجابة لطلب المؤسسة الشرعية في اليمن التي طلبت من الرياض إنقاذها بعد أن غزت مليشيات الحوثي العاصمة الجنوبية عدن، وبعد أن قصف سلاح الجو اليمني المعاشيق التي كانت تمثّل آخر رمزية سياسية تحمل الصفة الشرعية.
في تلك الأثناء كانت المقاومة الجنوبية تذوذ بضعفها آنذاك، وقلة حيلتها عن الشرعية، وعن ما يمكن أن يصمد للعرب في جزيرتهم العربية، كان الحوثيون الذين خرجوا من كهوف صعّدة يسقطون مدن شمال اليمن الواحدة تلو الأخرى، الطبيعة في المحافظات الجنوبية مختلفة، السلوك المدني يغلب على سكان عدن ولحج والضالع وغيرها من المحافظات، المخلوع صالح كان قد جرّد الجنوبيين من السلاح، كانت عدن مع دخول الحوثيين تعيش اجتياحاً ليس فيه ميزان قوة فالمعركة تبدو محسومة للحوثيين وشريكهم المخلوع.
بلغت القلوب الحناجر، تحولت شوارع عدن إلى ساحات حرب لمواجهة الغزو، التحق الشبان بالمقاومة الجنوبية التي أسقطت ما سُمي باللجان الشعبية، وتحولت المقاومة إلى الدرع الأخير الذي يحافظ على شرف العروبة المنتهكة والتي كان الإيرانيين يتبجحون بإسقاطهم صنعاء كعاصمة عربية رابعة وينتظرون الاحتفاء بإسقاط عدن كعاصمة عربية خامسة، كان الإحباط هو السمة العامة التي كان المراقبون يشعرون بها، فالجنوب الذي تم تجريده من السلاح عليه أن يدافع عن أرضه من ذلك الهجوم البربري المتوحش الذي زرع الموت والنار في كل أرض يصلها.
في الوقت الذي تناست فيه إيران أن في غمد العرب سيف اسمه سلمان، وفي الوقت الذي ودع فيه سلمان قيادات الخليج العربي، خرج من قصر العوجا ما كان منتظراً من (نخوة) العرب، انطلقت «عاصفة الحزم» فجر الخميس 26 مارس 2015م، هنا تغيّرت موازين كل شيء ليس في عدن وحدها، بل حتى على الصعيد الدولي والإقليمي، فلقد وضع التحالف العربي حداً لعربدة إيران، وتم إبلاغها عبر «عاصفة الحزم» أن لأمن العرب القومي سيوفاً تحميه، وأن لتجاوزات إيران وتدخلاتها في الشؤون العربية حدوداً سيكون لها مواقف صارمة وحازمة.
كان على القوة في الأرض أن تكون بقدر المسؤولية، فتم بشكل عفوي تشكيل كتائب المقاومة الجنوبية من مختلف المحافظات لحج، الضالع، أبين، شبوة، حضرموت، وعرفت الضالع أول عملية إنزال للأسلحة، وكان تحريرها بعد 12 يوماً فقط من انطلاق «عاصفة الحزم» رسالة للتحالف العربي أنه يمتلك على الأرض رجالاً مؤمنين مخلصين بما عاهدوا الله ثم سلمان عليه، فتحولت الضالع إلى رأس الحربة لمواجهة الغزو الحوثي، وبدأت تشكيلات المقاومة الجنوبية في ترتيباتها لتأمين خروج الأهالي ونقلهم إلى حضرموت في واحدة من أعقد العمليات التي عرفتها عدن.
لا بد من استعادة الذاكرة إلى هذه الأحداث، ولا بد من الاستمرار بإبقاء الذاكرة العربية حاضرة في هذه الأحداث التي نعيش ذكراها الثانية، وما زلنا نستشعر بفخر موقف الملك سلمان بن عبدالعزيز، ونعيد باستمرار إنعاش الذاكرة العربية بأن التحالف العربي استجاب لنداء الشرعية وأغاث الناس في عدن وفي عشرات المدن التي أحرقها الحوثيون ظُلماً وعدواناً.