نعم تعبت ايران، وهدتها ثقال الحمولات وهي تشحن وتبعث جنودها وقادتها وخبرائها وعتادها ومالها لدول تعتقد انها تشكل لها العمق والقوة والمنعة.
ايران اليوم وان تظاهرت بالقوة والمنعة والصمود، فقد انهكتها معاول استخراج اليرانيوم وتخصيبه في اجهزة الطرد المركزي . واثقلها الماء الثقيل ، واصاب أقتصادها بالضمور ، وارهقتها المقاطعات التجارية والعداوات ، فكل امجاد الوطن فولاذ ومعامل عسكرية ومصانع وفرقاطات، ونسيت الناس مباهج الحياة ومشاريع التنمية والتطوير.
ويقيني أن - الرئيس روحاني- قد ترسخت لديه فكرة التحاور ونبذ التحارب، في تجربة راصدة في ان التدخلات التي ارهقت الشعب الايراني وارهقت بدورها حلفاء ايران. وأحساس يخالجه انه يجب ان يعاد النظر بمجمل العلاقات الايرانية مع دول المنطقة.
على ان الحرب- شــَرك- وقعت به ايران وقد طالت واستطالت، وكعادة الحروب فأنها كثيرا ما تتوقف عند حصدها لكل شيء حولها ، ولقد جاء -حسن روحاني - الى الكويت -كما اتوقع - ليقدم مشروع سلام، وليس للتسوق في سوق الجهراء! .
وعلى دول الخليج ان يقتنصوا الفرصة المواتية، وان يجعلوا من هذا الخصم ، ان يجعلوا منه الحليف وان لا ينساقوا الى الاستماع الى الموتورين من الذين لا يرون في إيران غير المذهب والحوزات وقم وحرس الثورة.
إيران هي عمقنا العربي وهي قوة لنا لا علينا، وعلينا ان نحسن التعامل معها ، وهي اليوم تتغير وتعي وتدرك ان النصر الحقيقي هو قيام المصالح المشتركة ونبذ عداوات تاريخية عدمية مهينة لنا جميعا. نعم عداوات من المعيب ان نستحضرها بعد 1400 سنة ونكرسها ونورثها للاجيال المتعاقبة ، ونردد ونعيد مفرداتها، لتعكر صفو ودنا وتعايشنا ومحبتنا.
واليوم امير الكويت -الصباح - حفظه الله ،اليوم في زيارة خاصة ومهمة الى مسقط. للتباحث حول ترسيخ سلام في المنطقة. وسيبقى امير الكويت -الصباح- لثلاثة ايام، وبالتاكيد فهذه الزيارة ليست للاستجمام في- صلالة- الساحرة- او لتناول الحلاوة العمانية الفاخرة ، بل ان هذه الزيارة مخصصة ومكرسة بكل ثانية من وقتها لسماع الحوارات العقلاينة مع صاحب الجلالة سلطان عــُمان - قابوس بن سعيد- حفظه الله - وهذه الملتقيات ربما هي بهدف رسم ملامح سلام مُستدام إن شاء الله .
ومن الأهمية أن أنوه انه على الاطراف المتناحرة في اليمن- ان يقبلوا مرارات التنازلات ، وأهمية الاعتراف او الاقرار ان السلام هو النصر المستدام . وعلينا في الوطن بقبول -انصار الله- كمكون - اوجد نفسه على الساحة وان لا نخدع أنفسنا بإجتثاثه او دحره، بل ان علينا ان نروضه ونرشُده، بحيث يقبل لعبة الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة.
وأعلموا أن في - طيات- التنوع ما يثري الوطن، فقد تعبنا من مكونات وطنية ولكنها كارثية .
على ان انصار الله ما تشددوا و تشارسوا إلاّ بعد ان وحشتهم ستة حروب طاحنة، وبعد ان نالتهم وأدمتهم الحراب وسحقتهم المظالم ومسخ تاريخهم ووصمه بالدموي والجاهل يتردد كل ذلك في أعلامنا و في أحتفالات الثورة المغرورة بامجادها الزائفة ، والتي لا تتحدث عن المنجزات بل عن العداوات، ولا تجيد الا لعن العهود السابقة، وكأنهم بهذا قد اسكنوا الامة في الفراديس الموعودة.