هل سينجح حزب الإصلاح في تطبيق نظرية الصدمة على الجنوب؟

2017-02-14 08:16

 

من يعرف مفهوم وأفكار نظرية الصدمة سيدرك تماماً بأن ما يدور على الساحة الجنوبية الآن ما هو إلا محاولة لتطبيقها على الشعب الجنوبي بهدف إخضاعه وقبوله بسلطة علي محسن وحزب الإصلاح.

فماهي الأفكار التي ترتكز عليها هذه النظرية؟ ومن الذي توصل إليها ؟ وما الهدف منها ؟ سنأخذها هنا بشيء من التفصيل.

في خمسينيات القرن العشرين وتحديداً في عام ١٩٥٠م فكر طبيب نفساني كندي يدعى دونالد كاميرون بفكرةٍ شيطانيةٍ ، حيثُ أرادَ أن يعثر على طريقةٍ يستطيع من خلالها أن يغيرَ أفكارَ الإنسانِ بشكلٍ كاملٍ ، أي أن يصنعَ من إنسانٍ ما إنساناً جديداً مختلفاً تماماً بأفكارهِ وعواطفهِ وقناعاتهِ. كانَ يرى الدكتور كاميرون أنَّ كل أفكارنا ومشاعرنا وأخلاقنا تأتي من مصدرين : الأول : ذكريات الماضي والثاني : إدراكنا للحاضر ، ولكي يصنع كاميرون الإنسان الجديد الذي يريد لابد أولاً من أن يُلغي الإنسان القديم ، أي لابد أن يُرجع الصفحة بيضاء قبل أن يكتب عليها ما يُريد ، وحتَّى يفعل ذلك ، عليه أن يعرضه لصدمةٍ كبيرةٍ تُلغي الماضي وتُلغي أيضاً الإحساس بالحاضر ، قام الدكتور كاميرون بتجاربه على مرضاه النفسيين ، حيثُ كانَ يُعرضهم لصدماتٍ كهربائيةٍ شديدةٍ ، ويعطيهم عقاقيرَ مهلوسة حتَّى يُفقد المرضى ذاكرتهم،وكان يُعطل جميعَ حواسهم ، بأن يضعهم في أماكن يسودها ظلام دامس ، وصمت مُطبق ، فلا يشعرون بشيءٍ من حولهم ، حتَّى يُفقدهم إحساسهم بالواقع .

ومن قام بتمويل أبحاث هذا الطبيب هي وكالة الإستخبارات الأمريكية ، وقد طورتها بعد ذلك وطبقتها على عددٍ من مُعتقلاتها منها جوانتنامو وأبو غريب وغيرها.

الفكرةُ الأساسيةُ في نظرية الصدمة هي أنك إذاَ أردت أن تجعل الطرف الآخر ملكاً لك ولأفكارك ولقراراتك فعليك أن تُخضعه أولاً لصدمةٍ كبيرةٍ تجعله مُستسلماً لك ولكل ما تُلقنهُ له.

في نفس الوقت الذي كان يُجري فيه هذا الشيطان أبحاثه في كندا ، ظهر في شيكاغو شيطانٌ آخرٌ في مجال الاقتصاد يُدعى ميلتون فريدمان ، ليُطبق نظرية الصدمة ، ولكن هذه المرة لم يكن التطبيق على الأفراد ، بل كان على الشعوب ، وكانت غاية فريدمان من نظريته التي وضعها هي السماح للشركات الأجنبية عابرة القارات أن تتحكم في اقتصادِ بلدانٍ بأكملها ، فبما أن الشعوب لا تقبل إطلاقاً أن تصبح حياتها واقتصادها بيد حفنة من رجال الأعمال الأجانب فلابد إذن من صدمة كبيرة لأهل البلد تجعلهم فاقدي الوعي حتَّى يقبلوا بالتغييرات الجديدة ، وأول بلدٍ تم تطبيق النظرية عليه هو تشيلي ، الذي كانَ نظامُ الاقتصادِ فيهِ شيوعياً ، بدأ الأمرُ بتدبير انقلابٍ عسكري فيه دعمته الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة نيكسون ، وبعد الانقلاب جاءت الصدمة ، ارتفاع كبير في الأسعار ، وأعمال شغب ،واعتقالات تعسفية ، وخطف علني في وضح النهار ، وفوضى عارمة في البلاد ، وارتفاع في مستويات البطالة ، كانت البلاد تسير مسرعة نحو الهاوية ، وكانت المصائب تتدفق كلها دفعة واحدة ، حتَّى أُصيب الناسُ عندها بشلل في التفكير والفهم فلم يعودوا يفهمون ماذا يجري ؟ ولماذا ؟  وكيف الخلاص ؟ ، وفي فترة الصدمة هذه تم عرض حلول ممنهجة واضحة والتي ستنقذ البلد من الكارثة، وذلك بأن تتحول تشيلي إلى اقتصاد السوق الحُر ، أي أن ترفع الدولة يدها عن الاقتصاد بشكلٍ كاملٍ لتسوده الشركات الأمريكية العالمية عابرة القارات ، قبلت الدولةُ ذلك ، والشعبُ أيضاً قبله، وانتصرت نظريةُ الصدمة.

لم تكن تشيلي إلا الحلقة الأولى في مسلسل نظرية الصدمة ، حيثُ طُبقت هذه النظرية على عدةِ بُلدانٍ من أمريكا الجنوبية ، ثم على الإتحاد السوفيتي ، ثم على العراق وغيرها.

تقول نظرية الصدمة : عندما يغيب وعي الشعب ويعجز عن فهم وإدراك ما يدور حوله ، ولا يلوح له في الأفق أي حل ممكن التطبيق يخرجه من واقعه السيء ، سيقع عندها في الصدمة ، وعندها سيصبح مستعداً لقبول حلول خارجية جاهزة ، كان من المستحيل أن يقبلها سابقاً .

وكل ما يقوم حزب الإصلاح بقيادة علي محسن حالياً في الجنوب هو محاولة لتطبيق نظرية الصدمة علينا لإجبارنا على القبول بأي حلول يتم تقديمها لنا للخروج من الوضع المتأزم المفتعل الذي نحن فيه.

فهل سينجح حزب الإصلاح في الوصول إلى مايريد ؟؟

باعتقادي الشخصي بأن حزب الأوساخ لن ينجح في الوصول إلى ما يريد ولو كان هادي متواطئاً معه ، وقد كان صراع المطار مؤشراً كبيراً على ذلك.......

 

*- بقلم : مروان علي نصر الماس

تاريخ ١٤\٢\٢٠١٧م.