علي الكثيري، الذي عرفته قبل 29 عاما، طالبا يجلس محاذيا الجدار في قاعة درس "العروض واالقافية" في كلية التربية بالمكلا، هادئا كنهر يمور بتيارات صاخبة في الأعماق، صخب الرموز العروضية بإيقاعات شتى، مازال هو ذلك العلي الكثيري الذي لم تزده تجربة الكتابة والاشتغال بالشأن العام ولا سيما السياسي، إلا هدوءا صاخبا يتبدى في وعيه ما يختار من مواقف ناضجة يشعر أنها منسجمة مع ذاته التي ليس بينها وبين نبض المجتمع الذي يعيش في قاعه، فاصل نفسي أو اجتماعي أو سياسي، فهو منذ جرد قلمه الصحفي كان يجيد الانحياز الإيجابي إلى المستضعفين في الأرض، محترقا من أجلهم. ولست في وارد سرد ما واجهه من تهم أواستهداف أو سجن منذ وقت مبكر ، حينما كان كثيرون غيره يدورون في فلك المستبدين بالأرض والإنسان، ولا يعني لهم الوطن أكثر من منصب أو امتياز وظيفي أو عقاري!.
*
وإذ يقف علي الكثيري الآن على عتبة مفصلية حاملا بيمينه مسودة توافقية تمثل رؤية سياسية مقترحة لأفق حضرموت السياسي، فلا عجب أن يستهدف بطرائق شتى، في سياق محاولات إجهاض أي جهد أو مسعى جاد في الاتجاه الذي يجمع ولا يفرق.
*
الوثائق تستفز الخارجين على من يريد تثبيت أسس البناء، بعيدا عن أساليب الاختطاف السياسي أو اغتصاب القرار أو تزييف الإرادة . ولئن كان في الوثيقة التي شرف بأن يرأس لجنتها، ما يقتضي تعديلا أو حذفا أو إضافة - و ذاك أمر طبعي جدا - فإن ذلك شأن يتجاوز المهمة التي أنجزها، وللقاعة أن تقر ما يتم التوافق عليه، مع احترام الرأي المخالف الذي لا يحظى بالقبول، وفق معايير موضوعية.
*
لم أطلع بعد على الوثيقة في صيغتها النهائية، لكني أثق بأنها تمثل استخلاصا موضوعيا سيحظى بالتوافق، و هنا ينكشف جليا من تسوؤهم رؤية كهذه، فتراهم يعمدون إلى التشويش والتشويه والاستهداف والتهديد، فعلي الكثيري ليس فردا، لكنه عنوان فقط لاستهداف حضرموت ومستقبلها بعيدا عن الوصاية التي ولى زمانها إلى غير رجعة.
*
سلاما، أبا همدان.