التعاطف مع القاتل، ولوم الضحية بغلاف ديني !!

2016-12-21 19:08

 

تابعت ما يكتب عن جريمة تفجير الصولبان منذ صباح الانفجار، وكان أكثر ما شد انتباهي نغمة التعاطف الاستثنائية مع الإرهابي وتجاهل الضحايا!

أغلب الكتابات نشرت صورة الارهابي مع تعاطف أبوي وامومي منقطع النظير واصفة إياه بأنه : " بريء، مغرر به، ضحيه، محروم، مضلل، مسكين، مؤسف ان يموت شابا....." !

 

لست أبدا ضد التعاطف الصحي مع المجرمين كضحايا لظروف معينه، لكن تحويل القاتل الى ضحية، وهذا النبع المتدفق من الحب والتعاطف تجاه الارهابيين بالذات يقول لي أن الوضع غير طبيعي.

نحن مجتمع لا يتعاطف ولا يتسامح مع الخطأ.

شاهدت بعيني مرتين عشرات الأشخاص يسحلون شابا في الشارع لأنه سرق أداة لا تزيد قيمتها عن مئات الريالات.

و شاهدت من يعتدون بالضرب المبرح على فتى وفتاة خرجا في موعد غرامي.

وشاهدت شبابا يطرحون فتاة على الأرض لانها خرجت ببالطو ملون.

هذا المجتمع لا يتسامح مع الخطأ او الاختلاف ، لكنه يتسامح مع الجريمة إذا غلفت بغلاف ديني!

 

اسرق رغيف خبز لأنك جائع سيسحلونك بلا هوادة، وسيعتبرون فعلك اجراما لا مبرر له.

 لكن اقتل صاحب المخبز بحجة انه كافر، و اغتصب ابنته، وفجر بيته وانت تصيح "الله أكبر"، سيتعاطف معك المجتمع ويقول عنك بحنان أبوي انك ضحية!

 

المعادلة سهلة فكن ذكيا واختر جريمتك بعناية...

هذا هو ما يخيف في ظاهرة الإرهاب، وما يجعل علاجها صعبا إذا لم نفتلع جذورها.

تم تحويل القاتل الى ضحية، ونسيان الضحايا وتجاهلهم تماما بعد ان سيطرت الملامح "البريئة" للإرهابي على قلوب وعقول "الحاضنة الشعبية".

 

لكن هذه لم تكن إلا الخطوة الأولى.

تلقائيا وبلا أي مجهود تبرئة القاتل ستقود لا محالة الى تجريم الضحية.

وهذا ما حصل!

خرج وزير داخلية هادي حسين عرب ليتهم القتلى بعدم الانصياع للأوامر والتجمهر أمام مكتب القائد مما جعلهم ضحية للتفجير الانتحاري!

الضحايا مجرمون لأنهم جوعى فقراء لم يستطيعوا انتظار الراتب أكثر. والحكومة التي لم تحمهم أحياء ها هي تشيطنهم موتى.

أما المجرم فهو ضحية بريئة لأنه يشبهنا.

يؤمن بنفس أفكارنا وبردد نفس عباراتنا.

 

الفارق الوحيد بيننا وبينه انه ينفذ ما يؤمن به بينما نكتفي بالكلام فقط.

خالص العزاء للضحايا المجهولين الذين لم يبك عليهم أحد.

أما الإرهاب فحكايتنا معهم ستطول كثيرا حتى نتوقف عن التعاطف مع القاتل وتجريم الضحية.

 

*- حسين الوادعي