آفة هذا الزمان هم أنصاف المثقفين فلا أنهم بمثقفين ولا أنهم بجهلة ، و أصبح خطرهم اليوم على المجتمع أكثر بكثير من خطر ذلك الجاهل بالفطرة لما قد سببوه من تسميم بعقول القراء من خلال الترويج لثقافة المجون و السفاهة بإسم الحداثة و المدنية و ثقافة القرن الحديث ، و الأقلام المأجورة المأسورة بيد أولئك المأجورين هدفها الوحيد هو جمع المال و السلطة و حب الشهرة فقط ، تطورت وسائل التواصل و تقنية المعلومات و أصبحت في متناول يد الكثيرين و أصبحت الغالبية تكتب ( نسخ لصق ) و تسرق من هنا كلمة و من هناك سطر و أصبحوا كتاب كبار و صغار و صحفيين و مراسلين في يوم و ليلة و البعض إشترى كاميرا إلكترونية أوتوماتيكية فما عليه إلا أن يضغط زر التشغيل وهي تقوم بالواجب و أصبح مصور عالمي من الطراز الاول .
أنصاف المثقفين المبتزين بضاعتهم الكذب و تلميع الفاسدين بغرض جمع المال و بأي طريقة فلا توجد لديهم ضوابط أو معايير أخلاقية و مهنية ولا تستغرب عندما تراهم يغيرون مواقفهم و مبادئهم و جلودهم في اليوم مائة مرة فذلك يعتبرونه من لوازم الشغل و الفهلوة و الشطارة ولا عيب في ذلك عندهم، مرض هذا العصر هو التزاحم بغير وعي ولا إدراك ولا تأهيل في جميع مجالات الحياة ، و التقليد الأعمى أصبح سمة هذا العصر وبدون أي ضوابط أو قيم تراعي تعاليم ديننا الحنيف ومشاعر و خصوصيات الأفراد و المجتمع ، ولا ألوم أولئك الأقزام بقدر ما ألوم كثير من تلك الصحف الكبرى و الصغرى و بعض المواقع الالكترونية و الشخصيات الرسمية و العامة التي أولت لأولئك الأقزام أهمية و أفردت لهم حيز لعرض تلك الاعمال الهابطة في المستوى و المضمون ، أن تصبح السفاهة و المجون وقلة الحياء مادة إعلامية تعرض في مجتمعنا الاسلامي العربي المحافظ جهاراً نهارا وعلى رؤوس الملئ من قبل بعض المنحرفين أخلاقياً و أدبياً جريمة يجب أن يعاقب المجتمع فاعليها قبل السلطة و تفرض عليهم أشد العقوبات لردعهم .
كثيرين من أصحاب تلك الأقلام الهابطة الماجنة تكتب و ترسم و هي خائفة و متخفية و مهزوزة و مسافرة بعيداً عن الوطن أو ممن تنتقده لأنها تفتقر للشجاعة الأدبية و الأخلاقية ، و معظم تلك الاعمال لا تخدم الوطن ولا المواطن بل تهدم فهي رخيصة و لا هدف لها إلا الابتزاز المادي فقط ومن يدفع أكثر تتحول تلك الرسوم و الكلمات الجارحة إلى إطراء و مديح بكل سهولة ، فهو لا يهمه ماذا يقال عنه و عن ذلك التغيير المفاجئ من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال لانه مجرد من القيم و الأخلاق .
أنا على يقين بأن أولئك الانصاف سيظلون أنصاف للأبد لأنهم يعتبرون تلك الكلمات التي يكتبونها في سطورهم مجرد حروف تجلب الألوف ولا يهمهم إن كانت روائحها عفنة تزكم الأنوف ، سلامي و تقديري لكل قلم شريف نزيه حُر لا يهمه خسارة الفاسدين و الخائنين لدينهم و لوطنهم و شعبهم .