سقطت الهدنة السابعة في اليمن كالمعتاد برصاصات الطيش الحوثية، سقطت بعد ثلاث ساعات من بدايتها، 726 خرقاً للهدنة السابعة وضعتها مع أخريات سقطت من قبل، كيف ولماذا سقطت هذه الهدنة دون غيرها من أخواتها؟ أسئلة يقف كل المراقبين والمحللين في حيرة عن هذه الضربة المتعمدة لجهد السلام الذي اشتد في أكثر من شهر، وشهد حراكاً دبلوماسياً واسعاً من لقاء وزراء خارجية دول الرباعية في لندن ومروراً بلقاءات المبعوث الدولي ولد الشيخ بأطراف النزاع في الرياض (الرئيس هادي وحكومته) وصنعاء (طرفي الانقلاب) ووصولاً باتفاق مسقط الذي تحصل عليه وزير خارجية الولايات المتحدة جون كيري بعد لقائه وفد الحوثي.
توقعنا أن يلتزم الحوثيون بهذه الهدنة، وتوقعنا أن تكون بوابة الانتقال من مربع الحرب إلى مربع السلام، كل التوقعات تبخرت بسبب أن الوفد الحوثي لم يحضر اجتماع لجنة التهدئة والتنسيق في ظهران الجنوب لتسجيل حالات خرق الهدنة، كنت على (قناة العربية) قبل بداية الهدنة بساعتين وأشرت إلى هذه الجزئية دون غيرها لا يمكن إطلاقاً الحديث عن هُدنة بغير التحاق الحوثيين بلجنة ظهران الجنوب، فالنوايا تبدأ من هذه اللجنة، لذلك لم أكترث بكل تفاصيل الاختراقات للهُدنة في ساعاتها الثمانية والأربعين وكان منتظراً إعلان اغتيالها وإعلان فشلها.
إصرار الحوثيين على ممارسة العبث بعدم التزامهم بوعودهم لكل الجهات السياسية المعتبرة سواء تلك التي أعطيت لسلطنة عُمان أو للولايات المتحدة تُفقدهم أن يكونوا جزءاً لا يتجزأ من الانتقال السياسي وفقاً لخارطة الحل السياسية المقترحة من دول الرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا وأمريكا)، هذا الجنون وعدم تقدير الموقف الحاضر وحتى مستقبلهم الوجودي في العملية السياسية يؤكد مسألتين أن هذه الجماعة لا تملك قرارها الذاتي بل هي خاضعة قَسرياً لولي الفقيه القابع في إيران علي خامنئي الذي يديرها دون اكتراث بمستقبل هذه الجماعة، والمسألة الثانية أن الجهل المُركب لا يجعل لهذه الجماعة تجيد قراءة مستقبلها وحتى الكيفية التي تستثمر فيه الظروف التي أُتيحت لها بأن تكون عاملاً إيجابياً في اليمن السياسي.
الآن.. نسأل وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بوضوح كامل عما إذا يمتلك من إجابة حول تساؤلنا (لماذا لم يأت الحوثي لظهران الجنوب؟)، سنبقى ننتظر رد الخارجية الأمريكية التي تمثل إرادة الدولة الأقوى والأكبر في العالم ولا تستطيع أن تُخضع هذه الجماعة المتمردة للانصياع لاتفاقها معها، فكيف تريد الولايات المتحدة أن تفرض قراراها في أزمات أكبر كالعراق وسوريا وأوكرانيا؟