عن البحسني واللحظة الهجين

2016-11-04 06:25

 

لست أدري، رغم أنني لم ألتق هذا القائد العسكري يوما، إلا أنني أرى فيه شخصية يتكثف فيها سياق تاريخي موصول بالجذور ، حتى لكأنه شجرة برية مر بها سيل قديم، وجفتها أمطار الفصول، لكنها ظلت تقاوم عاديات العواصف، حتى إذا رآها الظامئون في تيه صحراوي استظلوا بها ريثما تسترد عيونهم شيئا من صفاء الرؤية، حيث الصهد والسراب.

 

ولعله بما اجتمع فيه من فطرة البدوي وحنكة العسكري المؤهل يختزل أشواطا في انتظار طال أكثر مما ينبغي، فكان مع رفاق دربه من القادة الذين ركنهم المحتل منذ 94 بارقة أمل للانتقال من مرحلة تطوى صفحاتها السود، إلى مرحلة أخرى تتشكل رغم الغبار والدخان واختلاط الألوان.

 

فرج سالمين ، عنوان للفرج القادم والسلام، ولأنه كذلك فهو هدف رئيسي لمن يريدون إيقاف الزمن، وما المحاولة التي تمت يوم أمس إلا في السياق نفسه، لأن قائدا مثله بهذا النقاء والكفاية والخبرة والوعي أنموذج مغاير لوجوه أهانت الرتبة، وكانت جزءا من ديكور الحاكم المستبد أو اداة قمع بيده أو متهافتة على العقار والاتجار بكل شيء بمنتهى الصفاقة.

مؤكد أن ليست باللواء البحسني حاجة إلى كلام كهذا، مثلما لا حاجة بي أو رغبة لدي في مديح العسكر ، لكني أخشى على قائد مثله من "موغادة" في اللحظة الهجين.

 

على هامش هذا ولكن في متنه أيضا:

أتساءل بمنتهى المحبة له وللجيل الفتي الذي تتوالى دفعاته المؤهلة لحماية الحاضر والمستقبل: ألم يأن لإخوتنا وأبنائنا في فروع الأحزاب اليمنية - التي كانت ولما تزل وبالا علينا - أن يتقدموا خطوة باتجاه صناعة المستقبل منذ الآن، بأن يعلنوا خيارا تاريخيا باستقلالهم وانبتاتهم عن مراكز أحزابهم بعيدا عن "المغمغة" السياسية التي تخدم المركز المدنس وتفتح له ثغرات استراتيجية لاختراق المستقبل وخلخلة أي اصطفاف جاد، بدعاوى بائسة؟

 

*- الدكتور / سعيد سالم الجريري