نظرة أولية في خارطة الكفاءات السياسية الجنوبية بوجه عام تبين لك ان هذه الكفاءات مشتتة فمنها التابع لحزب عفاش. ومنها من التحق بحزب الإصلاح وغيرها من الأحزاب ومنها من اثر الصمت وانزوى على مصالحه ونفسه وقليل منها من التحق بثورة شعب الجنوب التحررية.
لقد دأب نظام صنعاء على كسب ولاء علية القوم وكل من هو مؤثر في قومه او في المجتمع عموما باي ثمن كان وقد استطاع ان يحقق ذلك إلى حد بعيد فعلى مستوى الجنوب بذل الغالي والنفيس ليكسب ولاء هذا وذاك من السياسيين والقادة العسكريين والأمنيين وغيرهم وجند الكثبرين في أجهزة أمنه السرية.
وحين انطلقت ثورة الجنوب في منتصف العقد الأول من القرن الراهن التحق فيها قليل من السياسيين غير المشهورين وغير المحترفين كما التحق فيها عدد من القادة العسكريين بيد ان هذه الثورة سلمية فهي بحاجة الى قادة سياسيين وليس عسكريين ومع هذا كله فقد قامت هذه الطلائع بدور ميداني مشهود وبقيت المرجعية السياسية هي الحلقة المفقودة
الى يوم الناس هذا.
الشاهد هنا هو ان الكثرة الكاثرة من السياسيين الجنوبيين لم يلنحقوا بثورة شعبهم ولزموا مواقف مختلفة تقترب وتبتعد من ثورة الشعب.
الغريب في الأمر أن عددا من هؤلاء السياسيين حين قامت ثورة الشباب في صنعاء التحقوا بها وخرجوا عن طاعة عفاش إلى طاعة شماليين آخرين وحين انقسم النظام قبل أكثر من عام الى شرعية وانقلابيين التحق بعض السياسيبن الجنوبيين بشرعية الرئيس عبدربه وبقي البعض في ضلالهم القديم.
كل هذا وما تزال ثورة الجنوبيين تشكو من فقر الدم السياسي ولم تمثل جاذبا قويا للكفاءات السياسية المختلفة باستثناء عدد غير كبير اختطوا طريق النضال والوقوف إلى جانب شعبهم في قضيته العادلة ولا داعي لذكر الأسماء لأنها معروفة فضلا عن الدماء الثورية الشابة.
وعلى الرغم من حاجة الثورة الى هذه الكفاءات التي خارجها وجدنا بعض ممن تصدر الثورة أصحاب علاقة بنظام الاحتلال وقد كشفت الأيام والمحطات عددا من هؤلاء ..كل هذا ضاعف معاناة الثورة.
ولكن لماذا هذا العزوف الذي اتبعه الكثير من الكفاءات الجنوبية السياسية عن الانخراط بثورة الشعب رغم النداءات المتكررة من قبل الجماهير. ..?
في تقديري ان الأسباب تعود الى ما ياتي:
* عدد غير قليل منهم استطاع نظام صنعاء ان يكسبهم ولكن بصفتهم الشخصية وليس ليمثلوا الجنوب فضلا عمن هم في الأحزاب المختلفة ومن بينها الإصلاح.
* بعض الكفاءات ظل يراقب المشهد من بعيد ويحسب حساب النتائج والعواقبولم يكن متفائلا بنجاح الثورة.
* وبعض هؤلاء كان يدرك ان بعض من يتقدمون الصفوف في الثورة هم صناعة النظام في صنعاء فزهد في الثورة واحجم عن المشاركة.
* كثرة المكونات والخلافات وعدم قيام حامل سياسي موحد بقيادة موحدة جعل البعض ينفر من الدخول في معمعة الثورة ويؤثر السلامة.
* بعض الكفاءات الجنوبية لها راي مختلف عن رأي المكونات السياسية في الحراك ورأي القيادات في طريقة استعادة الدولة الجنوبية فاحجمت عن الظهور والمشاركة فضلا عن ان بعض السياسيين الجنوبيين لا يرون الحل في استعادة الدولة ولكن يمكن يكون في اطار دولة الوحدة كما يزعمون.
* بعض الكفاءات او قل القوى السياسية الجنوبية أصابها الضر من النظام الاشتراكي في الجنوب بعد الاستقلال بسبب الزخم الثوري حينذاك وما شابه من مراهقة سياسية؛ هذا القوى وجدت ان نظام صنعاء اعاد لها اعتبارها واحتضنها مع انه يحتل أرضها لكنها ارتبطت به مضطرة او غير مضطرة لأن ماساة الجنوبيين انهم ذهبوا إلى الوحدة الفخ قبل ان يجروا مصالحة سياسية تاريخية بين كل القوى الجنوبية التي تصارعت منذ الستينات حتى عشية الوحدة.
هذه القوى ظلت خائفة من عودة الاشتراكي لحكم الجنوب واسترابت من ثورة الجنوب ولكن بعضها دخل في الثورة على وجل.
* ان طريق الثورة والنضال وعر وشاق وقد أصاب لينين حين قال ان المثقفين انتهازيون لذلك أوصى بالتمسك بالجماهير الكادحة لأنها ضمان انتصار الثورة . ومع هذا فلابد من الطليعة السياسية المخلصة.
* عموما لقد لعبت الصراعات السابقة في الجنوب دورا مثبطا لكثير من السباسيين من ان ينخرطوا في ثورة شعبهم العادلة فضلا عن شبكة المصالح التي نشات بعد الوحدة التي جعلت بعض القوى تتمسك بها على حساب الحق الجنوبي.
* ولعل مكونات الحراك الجنوبي وقياداته قد ساهمت في تنفير بعض
السياسيين من الالتحاق بالثورة لأسباب ذاتية.
العجيب ان هذه المحايدة والسلبية والتبعية والتعطيل ما تزال قائمة حتى الآن رغم ماحققته ثورة الجنوب من تقدم ميداني وسياسي.
ان تعطيل هذه القوة التي خسر الجنوب تنظيمها في ثورته قد اثرت سلبا على مسيرة الثورة ، فهل آن الأوان لأن يجنمع الشمل السياسي الجنوبي وفق إرادة شعب الجنوب الثائر الصابر ومغادرة مواقع المصالح الضبقة والخوف السياسي وعقد التاريخ والولاء الحزبي وإقصاء الآخر وغيرها من الآفات.
فقد اتفق الناس على باطلهم فلماذا لا نتفق على حقنا??
*- د عبده يحيى الدباني
الناطق الرسمي
للهيئة الأكاديمية الجنوبية