لقد كان الارهاب دائماً ينمّي نفسه على قضم الانسانية وهتك الفطرة , وتدمير الاعراف , وتجاوز القوانين وتخطي الانظمة , وهذا واضح وجلي في تصرفات اتباعه وعمليات القتل التي تنوعت واختلفت و تطاولت على الضمائر والقلوب حيث لم تعد هناك حواجز او حدود انسانية او الاهية يلتزمون بها , فقتلوا الطفل والشيخ والمراة , واعدموا الامنين , وذبحوا المعارضين , احرقون واغرقوا ورجموا , فهم بتلك الظلمة والقسوة يحاولون ارهاب الناس واخضاعهم وجعل من انفسهم وحوش لا تقهر , لا تنتمي لجنس البشر ولا تلتزم بقوانينهم , ومن هذا المنطلق بنوا امبراطورية الارهاب والموت التي لا تقهر , توقف الكل حائرا امام اندفاعها المتنامي وقوتها الكاسحة لكل عارض , اطرق الكل راسه يترقب وينظر بذهول وعجز الى هذه العصابات وهي تخط معالم مستقبل غريب ومظلم .
في الخامس والعشرين من ابريل الماض رسمت حضرموت بيديها مستقبل يشع نوراً يختلف عن ذلك الذي رسمته قوى القذارة , فخاضت اول معركة تحدي فاصلة معركة كسر اجنحة المخلوق الاسطورة الذي استمات في بسط اجنحته في الجنوب , معركة كانت بحد ذاتها استعادة للانسانية والفطرة التي حاولوا ان يغلفوه بالحديد ويرمونها بالبحار , معركة انتاج وصنع للثقة بالنفس التي حاولوا ان ينزعوها من صدورنا ويقبروها باعماق الابار العقيمة الغايرة , معركة جراءة وتحدي وخروج عن المالوف وتجاوز للمعتاد والمعروف لا تشبه اي معركة , بفضلها استطاعت حضرموت ان تطيح باعظم قوة خارجة عن القانون و المدنية وتطوي ملفاتها من اروقة الحياة وتنتزع مضمونها من رفوف الواقع المفروض وتهيل عليها التراب في مقابر الخونة والقذرين , تمرغ انفها المشقق تحت اقدام السلام والتعايش , تنتزع منها وشاح الجبروت والتكبر المتسخ التي طالما ارتدته ورقصت به بختيال وغرور .
اليوم يسطر جيش الجنوب وثوار الحياة معركة تاريخية فاصلة في بساتين الموز بابين يذل فيها الارهاب ويهان فيها التخلف , تجلب اليها الحياة بجنازر وسواعد المقاتلين الابطال , تقطع وتبتر تلك الايادي الاثمة التي زرعت الموت والخراب في مهبط السلام سنوات عديده , لتنهض اليوم من بين اكوام الدمار واطلال القهر , تستعيد كيانها المسلوب وهويتها المطموسة تناد الحياة وتعانق سحائب الحرية , يتردد صدى الحياة من جديد بطرقاتها وشوارعها , وتزهر الحب من جديد بساتينها , فلقد ولاء مقفهرا الحقد والبؤس , وذُبح الموت والخوف على عتبات مدنها الاصيلة والى الابد, ستهاجرا طيور الشئوم التي عشعشت باركانها وتعزف طيور النصر مقطوعة الحب الابدية , هي ابين التي عرفناه مطربه فرحة على مر العصور تستعيد ابتسامتها الانيقة رغم الجراح و الالم تستقبل النصر والسرور في موكب الحياة الذي تدفعه سواعد الشباب الابطال .
لكل متسائل عن سر هذه الانتصارات الجبارة التي يسطرها ابناء الجنوب ضد الارهاب وقواه القذرة , فالجنوب لم يكن يوما قد نبتت به اعشاب التطرف والغلو وحشائش الارهاب , ابعد هذا الماض اللامع تتدنس اصقاعنا بهكذا قذارت , بل كان الجنوب ارض طيبه لا تقبل غير الطيب الطاهر , يقبع بين صخورها وقلوب رجالها الحب والسلام .
منتدى السياسة والاعلام