في العشرين من شهر رمضان المبارك 1436هـ أطلقت قيادة «التحالف العربي» عملية «السهم الذهبي» لتحرير العاصمة الجنوبية عدن، فبعد ثلاثة أشهر من غزو مليشيات الحوثيين وحليفهم المخلوع صالح لمدينة عدن تدخلت للمرة الأولى قوات برية عربية تمثلت في دولة الإمارات العربية المتحدة التي شكّلت القوة الميدانية لمعركة تحرير عدن، وكانت المقاومة الجنوبية قد دافعت عن المدينة التي استعصت على الحوثيين وصمدت صموداً أسطورياً ونجحت في دحر العدو في معركة فاصلة انتهت مع دخول ليلة عيد الفطر المبارك الموافق الرابع عشر من يوليو 2015م.
قبيل انطلاق «عاصفة الحزم» كان الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع السعودي التقى نجل المخلوع صالح في الرياض وتم إبلاغه رسالة الرياض الواضحة «عدن خط أحمر»، كانت هذه الجملة واحدة من أكثر الدوافع المعنوية التي حملها شعب الجنوب العربي في معركة تحرير عدن، فالمدينة التي عانت من ويلات غزوها في صيف 1994م كانت لا تملك مقومات حقيقية لمقاومة جحافل الغزو القادمة من شمال اليمن.
كان الحوثيون يدركون أهمية إخضاع مدينة عدن، ويدركون أن عليهم إنجاز إسقاط العاصمة العربية الخامسة لتلتحق ببغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، لكن استجمع شباب المقاومة الجنوبية ما يمتلكون مما تيسر من أسلحة خفيفة بعد اقتحام معسكر الصولبان من طرف المليشيات الحوثية، وبدأت تشكيلات المقاومة تدخل في معارك مستمرة مع المليشيات وسط ظروف استثنائية عاشتها المدينة نتيجة قصف الأحياء السكنية وانقطاع الخدمات الأساسية من كهرباء وماء ومواد تموينية.
حوالي مائة ألف أسرة خرجت من عدن والمناطق المحاذية لها وانتقلت أثناء المعارك إلى مدن حضرموت، كان على الجنوبيين أن يتعاملوا مع حالة استثنائية في كل تفاصيلها حتى لفظ (نازح) كان مرفوضاً فالمعركة كانت مع تلك القوى الباغية، لذلك احتملت المعركة التزاماً كبيراً ناحية العرب، وأن عدن ليس لها أن تخسر هذه المعركة.
شنت طائرات التحالف العربي غارات على مواقع الحوثيين في أطراف عدن الغربية، وقامت البحرية الإماراتية بعملية إنزال عسكري بعد أن تم تأمين مسافة كيلومترين فقط من ساحل عدن لتبدأ وحدات من القوات الإماراتية الخاصة بعملية انتشار في الممدارة بينما كانت المقاومة الجنوبية تكسر الحصار بهزيمة المليشيات الحوثية في بئر أحمد، وانطلقت خلال تلك الأيام عمليات عسكرية نوعية أكدت قدرة «التحالف العربي» على التعامل مع متغيرات الميدان العسكرية.
انتصرت عدن لعروبتها، وانتصرت لمظلوميتها، وانتصرت لأنها مدينة تستحق الحياة، فما وقع على هذه المدينة من حروب جردتها من كل عنفوانها الموصول بالتاج البريطاني إبان فترة الاستعمار، فالمحطات القاسية التي عرفتها في 1986م والجور والظلم الذي عرفته في 1994م شكلت في نفوس الجنوبيين قناعات رسخت أن الانتصار هو استحقاق لا بد وأن يكون على رقاب كل أبناء عدن والجنوب، انتصار عدن ونزول الطائرة السعودية الأولى إلى مطار عدن الدولي كان إنجازاً عربياً عظيماً، فعلى تراب هذه المدينة كسرت الذراع الإيرانية وتحطم حلم الإمبراطورية الفارسية، وخرجت جموع المصلين في يوم العيد الكبير مهللين مكبرين رافعين إلى الله تعالى الشكر على نعمة النصر والتمكين.