دول التعاون الخليجي .. وتجاهل الحليف الجنوبي

2016-05-08 09:23

 

"قبل ان ينفرط العقد"

لا شك ان علاقة الجنوب والجنوبيين مع الاشقاء في دول التعاون الخليجي على المستوى الاجتماعي والاقتصادي يسودها نوع من الفهم والتعايش المشترك, لكنها على المستوى السياسي لا ترتقي حتى الى مستوى الحد الادنى من العلاقات عندما تكون هناك مصالح مشتركة.

 

قد يكون العامل التاريخي في هذه العلاقات يلعب دورا سلبيا خصوصا في مرحلة الحرب الباردة والتي جعلت من اليمن حليفا لدول التعاون والجنوب في المعسكر الاخر (الدول الاشتراكية) ولكن هذا لم يمنع الجنوب ودول التعاون من كسر ذلك التوتر في العلاقات في الثمانينات من القرن الماضي ولكن الفترة لم تكن كافية كي تنسج وتبنى علاقات واسعة بينهما, ثم جاء توحيد الجنوب مع اليمن ليجعل مركز العلاقات في صنعاء وبذلك حرم الجنوبيين من التواصل المباشر مع دول التعاون واحتكرت العلاقات مع دول التعاون وخصوصا السعودية شبكة واسعة من مشايخ ومسؤلين محددين في نظام صنعاء.

 

ذلك المستوى من العلاقات لم يسمح للجنوبيين ان يكونوا فاعلين في تحديد ماهية وطبيعة هذه العلاقات السياسية حتى مع السلطة في صنعاء بل كانوا مضطرين للتعامل معها كما رسمها النافذون في صنعاء.

 

وعند انطلاق الثورة الجنوبية علنيا في 2007 م ظل موقف دول التعاون ينظر الى الجنوب بعيون صنعاء ومن خلال ادواتهم والذين كانوا طبعا في موقف العدو من الجنوب ولم يدرك اخوتنا في دول التعاون مخاطر دعمهم المطلق لنظام صنعاء الذي عمل كل ما في وسعه لكي لا تصل اصوات الجنوبيين الى دول الجوار ولم يكتفي بهذا بل ذهب الى محاولات تقديم طلبات طرد من اضطرته ظروف اللجوء الى العيش في دول التعاون حتى جرى الانقلاب الاخير في صنعاء في 21 سبتمبر 2014م

 

بعد ذلك تغيرت لغة صنعاء تجاه من امدوها بالمال والسلاح طوال أكثر من اربعين عام ومن قبل من استرزقوا في دول التعاون على المستوى الشخصي و كانوا يتقاضون مخصصات شهرية واصبحت هذه اللغة فيها تحدي بل وتهديد مدعومة من حليف اقليمي جديد هو ايران .

في تلك الاثناء بدأت هذه الدول تدرك حجم الخطر المحدق ممن فتحت لهم ابوابها وخزائنها وبالمقابل ظهر معدن الجنوبيين الاصيل واتخذوا موقفهم التاريخي في الوقوف في صف اخوتهم في دول التعاون اولا بحكم تقاطع المصالح بينهما وثانيا لانهم يرون في صنعاء خصم بل وعدو مشترك.

 

ومع اندلاع عاصفة الحزم بدأت تتكشف حقيقة حلفاء دول التعاون وخصوصا المملكة العربية السعودية في صنعاء وظهرت قدراتهم وانكشفت مواقف الكثير منهم وظهرت في موقع سلبي ان لم يكن معادي لدول التعاون وبالمقابل ظهر اجماع في الجنوب على مواجهة الانقلاب الحوثوعفاشي المدعوم من ايران, وأوقفت عدن ومقاومتها الجنوبية تمدد الحوثة والمخلوع حتى قبل ان تبدأ عاصفة يوم 26مارس 2015م واسقطت اهم معسكراته (معسكر الصولبان للأمن المركزي بقيادة السقاف) في عدن يوم 19 مارس 2015 اي قبل العاصفة باسبوع وسجلت عدن اشرف معاركها لتمنع الحوثة من استكمال سيطرتهم على اليمن والجنوب العربي كاملا وتمنع ايران من ان تصبح حارسة بوابة العرب الجنوبية (عدن) بعد ان سيطرت على بغداد بوابة العرب الشرقية ودمشق بوابة العرب الشمالية.

 

وكانت الانتصارات العسكرية الوحيدة للتحالف العربي التي يمكن تسجيلها على الأرض تمت على ايدي المقاومة الجنوبية في عدن و الضالع وابين وشبوة ولحج رغم الفارق الضخم والهائل بين ما قدمته دول التحالف العربي لما سمي بالمقاومة الشعبية في مناطق اليمن (الشمال) من دعم عسكري ومالي الا ان ذلك لم ينتج الا خيبات امل لدول التحالف العربي.

 

ندرك أن هناك لا زالت كثير من العراقيل والاجندات السياسية والعسكرية في المنطقة وقد نتفهم البعض منها , لكننا لا نفهم التردد الذي يسيطر على صناع القرار في دول التحالف العربي من القضية الجنوبية وكل الشواهد تؤكد ان لا حليف لهم يمكن الركون إليه في هذه الحرب ضد الوجود الايراني في الجزيرة العربية الا الجنوبيين وان تركهم دون تقديم الدعم السياسي والاعلامي لن يكون الا في مصلحة اتباع طهران في المنطقة.

 

و ندرك ايضا ان احد اهم عوامل عدم القدرة على التواصل بين دول التحالف العربي والجنوبيين هو تعدد المكونات السياسية الجنوبية والتي اسهمت في جزء كبير من الضعف في العلاقة السياسية بين الجنوب ودول التعاون الخليجي لكن ايضا على دول التحالف أن تتحمل مسؤليتها في المساعدة على توحيد الجنوبيين وهي قادرة على جمع المكونات السياسية في الجنوب كما جرى مع المعارضة السياسية السورية وقبلها جمع القوى اللبنانية في الطائف في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه الله والتقريب بين وجهات نظرها ليظهر حامل مشترك يكون شريكا مع هذه الدول في تحديد مصير الجنوب ومواجهة الزحف الايراني قبل ان ينفرط العقد في هذه العلاقة بين الجنوبيين ودول التعاون.