يتردد هذه الأيام مصطلحات "الانفصال" "فك الارتباط" الدولة الجنوبية" "الجنوب العربي" .. ومعها يزداد الخوف والقلق على مسار القضية الجنوبية التي نؤمن بعدالتها بامتياز جراء ما تعرض له الجنوب من رياح التغيير التي كادت أن تعصف بهويته الثقافية والتاريخية والاجتماعية وطمسها ..ولست أدري لماذا هذا الخوف وهل مصدره أنني لا أطمئن لكثير من المزايدين الذين نعلم علم اليقين من يقف خلفهم وأي الجهات الداعمة لضياع الحقوق والتي لا تصب في مصلحة القضية الجنوبية ولا تنتمي إليها من قريب أو بعيد فأخذوا ينفثون سمومهم في أروقة شعب لم يعد يريد إلا أن يعيش مثل بقية شعوب المعمورة فندعوهم إلى أن يبتعدوا عن إثارة الفوضى وترك المزايدات ولاتجعلوا من الانفصال " فوبيا " وورقة تتاجرون بها وتسترزقون على حساب شعب ذاق الويلات من الوحدة التي تغنى بها دهرا وسكبها في فم الناشئة من أجياله حتى غدت شقيقة لوطنه فردد القسم بها أما علم الوطن وجعلها نشيدا يرددها كل صباح .. فجئتم لا من أجلها تضجون ولكن من أجل جيوبكم اما الوحدة فقد قتلتموها برصاصات غادرة بعد أن اردتم فرضها بالقوة والتي كانت أملا لأن تكون نواة لوحدة عربية وإسلامية لكنها تحولت إلى كابوس وفاجعة قضت على حلم الوحدة إلى الأبد لأنها كانت نموذجا سيئا في المنطقة العربية جراء معاملة حكام الشمال اليمني ومناصريهم والذين فرضوا العنصرية والمناطقية في بلد كاد أن يكون مدنيا بأمتياز فاصبح يعيش في وطنه غريبا مهمشما ومواطنا من الدرجة العاشرة.. من هنا كان لا بد لكل منصف أن يقف مع القضية الجنوبية واسترداد الحقوق المغتصبة والخروج من ثقافة المنتصر والمهزوم التي يصر على تطبيقها أعداء الإنسانية من الداخل وانتجت لنا هذه السياسة الخرقاء جيلا لا يعرف من يعرف من الوحدة إلا جحيمها رغم أنه لم يعش مرحلة ماقبلها وبغض النظر عن طبيعة الأوضاع التي سادت النظامين شمالا وجنوبا قبل الوحدة .. إلا أننا اليوم يجب أن نتعامل مع الوضع بعقلانية فيما يصلح الشأن اليمني جنوبا وشمالا دون الإصرار على الوحدة الأندماجية التي من وجهة نظري أنها قتلت في 94م وماتلاها من أحداث ودون فرض الأنفصال الذي لم توجد قاعدته وبنيته والوعي الحضاري الذي يفترض أن يصاحبه حتى اللحظة الحاضرة والتعامل بنظرية فن الممكن في التعامل مع مخرجات الحوار الوطني التي اختصرت الطريق للجنوبيين مسافات وأزمنة شاسعة وعدم الانجرار خلف الدعوات المجنونة المستندة إلى الأجهزة الاستخباراتية التي تتربص بالجنوب وقضاياه المطلبية وليست خافية على أحد.. يقف اليوم الجنوبيون على أعتاب مرحلة تاريخية مهمة دفعوا فاتورتها من مصالحهم ودماء أبنائهم فلا يكاد يوجد بيت إلا ومنه قتيلا أو مظلوما نهبت أرضه أوظيفته أو بيته أو تم السطو على مصالحه من المتنفذين على مستوى المدن وحتى الحارات التي تجرأ عليها السفهاء بدعم من نظام صنعاء الذي أعطى الضوء الأخضر للفوضى في كل مكان.. ومعها استغل هؤلاء ولقنوا إعلاميا الفاظ السب والشتم وتعلموا دبلجة الصور ضد هذا أو ذاك ظانين أنه من خلالها يسترد الحق المسلوب والمغتصب ولم يعلموا أنها لن تعيد حتى شوارعهم وأسواقهم التي باعها مرضى النفوس لمرضى الضمير ولن تعود إلى ما كانت عليه من قبل ..لكننا نستطيع أن نخلق مستقبلا جديد في اطار الدولة الفيدرالية التي نص عليها مؤتمر الحوار الوطني الذي ترفضه القوى المتنفذة في الوطن.. علينا بدلا أن نلعن الظلام أن نشعل شمعة وأن نعطي للعالم صورة حضارية لشعب يريد أن يعيش بكرامة في وحدة حضارية لا يكون بديلها الموت..يستعيد بها وحدة فيدرالية حضارية تدل على وعي شعب وثقافته الأصيلة.. كرامته المنهوبة وحقوقه المسلوبة وحرياته المكبلة.. وعلى الإخوة في الشمال أن يفقهوا هذه المطالب وأن يعوا حقيقة أن أبناء الجنوب وخاصة جيل ما بعد الوحدة هو أشد عتوا ونفورا منها وأنهم لن يقبلوا بها تحت منطق القوة وهي حقيقة يجب ان يؤمنوا بها..فالفترة التي عاشها البسطاء من الجنوبين تحت ماسمي بالوحدة كانت كافية لأن يرفضوها لما صاحبها من آلام قضت على آمالهم في وحدة ينعم بها الجميع ونسفتم بنفسياتكم السلطوية عرى الوطنيه وقطعتم أواصر الروابط الاجتماعيه وحولتم مساحات الكراهية للمستعمر البريطاني إلى واحات من المحبة له لأنكم مثلتم أبشع همجية احتلال عرفوها في تاريخهم ولم يمر عليهم محتل اسوأ منكم، فالمحتل البريطاني بنى وعلم وارسى قواعد الدولة المدنية حتى وصلت طلائعها الى بادية بيحان ونصاب ويافع ولقموش وحجر والمهرة بينما أنتم دمرتم كل شيء أرضا وأنسانا .
كنا نأمل منكم أن تثبتوا لنا أنكم شعب يقدر التضحية حين أقدم إخوانكم في الجنوب على الوحدة رغم الأصوات الرافضة لها في الداخل والخارج لكنكم وللأسف اثبتم للجميع أنهم ارتكبوا خطأ فادحا في حق جيل الوحدة وما بعدها حين سلطتم الرعاع من اتباعكم على مضالحهم بناء على الانتماء الطبقي والحزبي والزمتم الكوادر المثقفة والمتعلمة وذوي الخبرة بيوتهم كربات الحجال تحت المسمى الشهير "خليك بالبيت"بالله عليكم ماذا سيكتب التاريخ عنكم؟!
عليكم أن تلتقطوا الفرصة التاريخية والقبول بالدولة الاتحادية الفيدرالية ولا تضيعوها كما أضعتم مشروع اصلاح مسار الوحدة حين اتهمت بامسدوس بالانفصالية والقيثوا عليه سيلا من التهم ورجعتم تبحثون عنه في الوقت الضائع بالله عليكم اخلعوا عباءة الغطرشة وانظروا الى مصلحة الشعبين شمالا وجنوبا وراعوا الأرث الثقافي والاجتماعي لكل منهما يكفي ما ذاقوه من سنون الحرمان والمعاناة تحت بركات وحدتكم الميمونة لأكثر من خمسة وعشرين عاما حتى نظرتم إليهم أنهم قطيع أغنام يجب أن يساقوا إلى حيث تشاؤون تحت سياط سوط القبيلة وجبروتها التي أصلتم لها في قانون ما أنزل الله به من سلطان دون إدراك منكم لعظمة هذا الشعب وحضاريته .. تاركا الموت لمشروعكم المتخلف.
الخميس/ 21/4/2016