كل يوم يشتد الألم تتضاعف المعاناة ترى أثارها على جدران البيوت الجائعة والوجوه الشاحبة تراها وتسمعها في أنين الفقراء وبكاء الأطفال ودعاء الأرامل تراها في كل شيء ومع كل شيء حينها لا تملك إلا التساؤل: إلى متى سيستمر الوجع فالألم قد أفقد الرأس الاتزان والجسم فقد مناعته .. لا تصدق أنك جبل من جبال الصبر أنت لست إلا جبلا من الجليد اذابته ملوحة الدموع المنسكبة من مآقي الأطفال وهم يتضورون جوعا أذابته حرارة أجسامهم التي داهمتها الأمراض في ظل فقر مدقع أصابها بالهزال بإمكانك فقط أن تبني من معاناتهم وفقرهم وعوزهم شحنات نفسية تتحول إلى جسور وطرقات حتى إذا ما طفح الكيل وبلغ السيل الزبا مرت عليها لعنات الفقراء وجموعهم تدمر كل شيء إذ لم يبق لديها ما تخسره .. لا تمسح دموع أطفالك بل أعط لدموعك فرصة المشاركة لهم فكلكم محتاج أن يبكي لا على الوطن المفقود والذي ذهب بعيدا في الزمان والمكان ولكن يبكي من أجل البقاء حيا فقط ..
لم يعد لدينا أي أهمية أن نسأل لماذا البكاء لأن السواد الأعظم صيرته الأحداث بكاء فلا يهمّ لمَ هذه الدموع لأننا نعلم أنها ليست لعرس ولا لفرح بالتأكيد لكنها من الوجع في الرأس الذي تصعب معه العافية ..!!
انصحك رفقا بك ..لا تتوجع لخبر سمعته ولا تحزن لشاب شيعته ودفع للوطن زهرة شبابه لانك إن فعلت فأنت مغفل لم يدرك واقعه .. يجوز لك فقط أن تتحسر وتلطم خدودك لحظة ذهاب هذه المعاناة وهذه التضحيات أدراج الرياح وكانت نتائجها عكس المراد لا قدر الله ..إلى اللحظة والجميع يعلم علم اليقين من يدفع الثمن من قوته وكرامته لكنه يتغابى عمن يقبض الثمن لا يهم فلم يعد في المشهد إلا عميان البصر وفاقدو البصيرة تتعامى أن ترى طوابير الفقراء وهي تنتظر المحسنين من الهيئات أو المنظمات..
لاترى التعليم ولا مخرجاته التي ليست إلا أمية جديدة أدهى من الجهل.. لا ترى إلا الطابور الخامس وفئة العمالة والإرتزاق ودائرتها تتسع كل يوم وكل لحظة ومعها تنحسر دائرة النزاهة والكفاءة وتتسع رقعة الظالم والمظلوم وعندالله يجتمع الخصوم..
أعرف أنك تتوجع من غلاء الأسعار فلماذا وهو موضوع قديم فنحن لم نتعود إلا على الغلاء لأن تجار الحروب انتصروا على صناع الحياة بكل وقاحة إذا أدعوك أن تستسلم لكميّة الوجع القادم المنتقل من الرأس إلى باقي الجسم حتى أخمص القدمين لأنه لا يوجد أمامك إلا الاستسلام وحسب ..
اتذكر أنك بالأمس خرجت تريد الحرية والكرامة والعيش بسلام ولم يتحقق لك إلا مزيدا من العبودية والذل ومزيدا من التدمير .. ولم تدري أن الحرية تحولت في عصرنا إلى وجع دائم وكذبة كبرى يتغنى على منوالها الفقراء في كل مكان بل ويرقصون رقصة الموت .. عليك أن تُقنع نفسك غصباً أن الحريّة حلم بعيد المنال في الأوطان المنكوب لا حقيقة لها حتى اللحظة على الاقل .. عليك أن تتخذ قرارا إذا أردت البقاء أن لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم ..وعليك أن تشيع أحلامك في توابيت الخيانة وتدفنها في مقابر الخنوع فأنت غريب في عالم غريب عالم غابت فيه أهم القيم ..
في الختام انصحك ألا تحاول الوصول إلى التفاصيل فالشيطان يكمن فيها أقبل بأي شيء إن أردت أن يتعافى رأسك من الوجع ولا تقحمه بالأخبار فهي لا تحمل إلا وجهاً واحداً هو الخديعة فلا داعي أن تبحث عمّن يخدعك ..
السبت 29سبتمبر 2018