لن تستيطع الدول والأحزاب والمكونات، بناء الثقة والتخلص من التحاقدات والتشككات والظنون وفواجع الغيبة والنميمة، لن تسطيع التخلص من عداواتها وتماكراتها وغلها، إلاّ عبر التقاربات والحوارات والإحتواءآت .
لهذا تسمع عن مؤتمرات متكررة في الغرب، لمناقشة قضايا الحدود ومثل قضية - البيئة- فنحن نبتعد و نجهل فنعادي من يختلف معنا . وقالت العرب -ان الإنسان عدو ما جهل- لهذا فهم في الغرب ينهجون الحورات المستدامة، بل يؤكدون عليها كأمل موثوق يفضي الى حلول مع الأيام عبر حوارات تعتنق الحكمة والصبر وتشجع الأقتراب من الخصم والإستماع اليه الم يقولوا في البدء كانت الكلمة.أليست الأديان السماوية كلمة ! والعدوات والحروب تبداء أحياناً بكلمة.
لماذا أتحدث اليوم عن هذه الأمر.
الحقيقة انني ومنذ ان عشت في الغرب في سقف العالم - كندا - وانا استمد من المعلومات الزاخرة ما لم اكن اتعلمها خلال سنوات طوال . فإذا عشت بين أقوام يحملون ثقافة جديدة، ويحلقون في أفاق التعايش والتوادد والتحاور والوعي، فأنت اذن تنهل من هذا المعين الزاخر والعذب.
دعوني اليوم أقول بكل ثقة أن دول التحالف وعلى رأسها المملكة العربية السعودية قد تنهبت الى أهمية الحوارات مع الخصوم ، ومهما كانت رعونة ودرجة جنون الخصم، فالحوار يوفر حالة من الثقة ويرصد دروب خفية لم تكن تدركها، وتكشف الحوارات رهافة الحس الانساني وتقبله لبعض أطروحات الخصم بل ومواجعه .
اليوم تحدث الناطق الرسمي بإسم انصار الله الإستاذ - محمد عبد السلام -وقال أن الأنصار أبدوا موافقة على قرارات مجلس الأمن، بخصوص الأزمة اليمنية٬ مؤكدا أنهم ليسوا مع بقاء السلاح خارج إطار الدولة٬ في إشارة ضمنية إلى موافقتهم على تسليم السلاح الثقيل إلى الدولة٬ وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216.
وأتهم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» من سماهم «تجار الحروب» بالسعي إلى إجهاض هدنة وقف إطلاق النار٬ مؤكدا أن ملف المعتقلين٬ بمن فيهم وزير الدفاع اللواء الركن- الصبيحي-٬ في طريقه إلى الحل.
هذا التصريح - بصدق - يبعث على الثقة ويبرز ملامح الأمل في رغبة راسخة على إيجاد حلول واثقة ومستدامة للوطن . صحيح ان المراحل طوال، لكن وبمجرد أننا نسمع مثل هذه اللغة الواعية فعلينا ان نتشبث بالآمال، وأن لا نستدير عنها ونغفلها أو نسخر منها.
وعن من سمّاهم تـُجار الحروب! فهم كثر في وطني . كما ان منهم -المخاتلون - من لا يرغبون في أحلال السلام، وهم من سحقوا سوريا ومن دمروا ومن عاثوا فساداً في العراق وليبيا، ودمروا قبل ذلك إفغانستان، وكأن ترويض شعب الأفغان مثل ترويض التماسيح. لقد أخبرني صديقي -الباكستاني- عن أهل -الأفغان- فقال انهم ربما أرق شعب في هذا الكون، وأكثر الشعوب أمانة وخلاصاً وشرفاً، وهم كما قال - فقط ما يحتاجونه هو بعض الحوار والفهم والاحتواء والرعاية والثقة.
يقول الإمام علي أبن ابي طالب كرّم الله وجهه . أذا كرهت فأكره -هونا- فلربما صار من تكره، يوما حليفك.