ربما لم يعرف التاريخ رئيسا بغباء علي عبد الله صالح فهو الرئيس الذي لا يميز بين لم لن ، وبين حرفي الطاء والظاء ، كما لا يفرق بين الآية القرآنية والمثل الشعبي ،ومع ذلك فقد استطاع الرجل ان ينجح في البقاء رئيسا ويجمع حوله الكثير من السياسيين والمثقفين والشعراء والمشائخ ورجال الدين،الذين تقزموا أمامه وتحولوا إلى مجرد مطبلين ودواشين في بلاطه كما استطاع هذا الرئيس الأمي ان يقنع ملايين الناس في الشمال بكونه قائدا ورئيسا يستحق الولاء وانه إن أمر وجبت طاعته.
خلال رئاسة صالح الممتدة من يوليو 78م حتى فبراير 2012م وربما المستمرة حتى اليوم ، أحاط الرجل نفسه بجهابذة السياسة والإعلام واخطر القادة والمستشارين ،الذين كانوا يرقعون هفواته وزلاته بل وفضائحه ،حتى أنهم كانوا يتصرفون دون معرفته وباسمه ،في كل عمل ايجابي يتطلب تلميع صورته ويظهره بالرئيس الصالح .
فإذا ما سمعوا ان مناضلا أو فنانا أو شاعرا مريضا سارعوا لاستثمار مرضه بالاتصال به وبمساعدته باسم الرئيس دون علم هذا الرئيس ،واذا ما مامات هذا المريض كانوا أول المبادرين لتعزية أسرته باسم الرئيس وكذلك كانوا يحرصون على سمعته ويلمعونه ويظهرونه بالزعيم الذي جاء بما لم تأت به الأوائل.
وحين خلع المحروق صالح ظل اصحابه مخلصين له ومازالوا يرون فيه النبي الأمي .
حين جاء الرئيس هادي خلفا لصالح بعد أن ظل نائبا له ل17 عاما ظن كثيرون انه سيستفيد من مدرسته التي كان طالبا فيها ،لكنه فاجئ الناس بالتخلي عن التقاليد التي رسخت حكم صالح وجملت وجهه القبيح ،إذ أحاط نفسه بطاقم بدا وكأن كل مهمته هي الإساءة للرئيس ،بل ان مكتب الرئيس هادي شهد خلال الأشهر الأولى اكبر عمليات تزوير يشهدها مكتب رئيس في العالم شملت تزوير توقيعه بأوامر صرف مبالغ ،وتعيينات وغيرها وكل تلك عيوب حسبت على الرئيس هادي وانتزعت من رصيده شمالا وجنوبا ،كانت مصلحة الرئيس هادي وسمعته هي آخر اهتمامات البطانة التي أحاط نفسه بها بل أنهم حين اشتعل أوار الحرب كان صحبة هادي أول من تخلى عنه.
في عدن استبشر الناس المحبين للمدينة خيرا ،بقدوم المحافظ عيدروس الزبيدي ،بما يستند اليه من رصيد نضالي مشرف وتاريخ ناصع البياض لم يقتل ولم يسرق ولم يشتم أحد ،لم يتعاط القات ولا الخمر ،ولا يحب الظهور ولا الحديث عن نفسه .
رجل بكل هذه الصفات كان الناس يتوقعون ان يصعد نجمه كالصاروخ لكنه أوقع ذاته في خطأ عدم اختيار بطانة مؤهلة تؤهله على النجاح والظهور بصورة ايجابية ،بل ترك المجال مفتوحا للناشطين والمفسبكين لان يتحدثوا باسمه ويتصرفوا باسمه بل انه في حالات عدة اعتمد على البعض منهم كمستشارين كانت استشاراتهم تدفعه لارتكاب أخطاء تظهره بالرجل الذي لا يفهم في الإدارة ولا القانون.
لعل مما يؤثر على اللواء عيدروس الزبيدي ان الكثيرين من المقربين له والمتشعبطين به من لم يدرك بعد ان الرجل بات محافظ محافظة بحجم دولة هي عدن ، ولا زال يرى فيه ذلك الناشط الحراكي الضالعي ، فلا إعلام قادر على تقديم الرجل بصورة ايجابية ولا دائرة قانونية ترشد وتصوب قراراته .
بل هناك فريق طويل من المتصلحين الذين لا وصف لهم سوى صحفي مع الشيخ ،مستشار مع القائد ،صاحب المحافظ ممن يعملون على عزل الرجل عن محيطه وعن أبناء محافظته بل ويعكسون صورة سلبية عنه.
لقد فشل هادي في الاستفادة من نجاح فريق صالح ،ومثله يبدو ان عيدروس اذا ما استمر على هذا الحال سيفشل في الاستفادة من فشل مكتب هادي