يقولون ان اصعب حب واقساه هو حب من طرف واحد ، قلت هذا في لقاء وفي مجال سردي للعلاقات الامريكية العربية وهي علاقات اخلاص من طرف واحد للاسف، وقلت هذا لأنني اشعر أن علاقة العرب بهذه الدولة العظيمة (أمريكا) هي حب مرهق ومضني، وللأسف فهو حب ومن طرف واحد .
فالعرب يحبون او يعجبون بأمريكا، فنحن نسافر اليها كسواح ونتعالج في مشافيهم ونبعث طلابنا الى جامعاتها ونشرب مشروباتهم الغازية وغير الغازية ، وسجائرنا بنكهة التبغ الفرجيني بل ونتناول بأعجاب شطائر الهامبورجر والبيتزا الامريكية، بل وكثيرا ما -نعوج- السنتنا لنتحدث باللكنة الأمريكية، بل والأدهى والأعجب ان عملاتنا مرتبطة بعملتهم -الدولار- وان معظم اسلحتنا وغذائنا واساطيل طائراتنا التجارية بل ومصانعنا وسياراتنا جُلها صناعة امريكية بل وحتى اقراص المنشطات فنحن نفضل ( الفياجرا) على سواها، وهناك اشياء كثيرة نحبها في الامريكيين، ولكنهم لا يحبوننا ولا يهمهم شأننا بل ولا يعينوننا باخلاص في نكباتنا !
بالأمس يتحدث احد كبار المسؤولين الامريكين ويصف ان دولاً عربية قد انتهت كدول، ولن تعود الى كياناتها السابقة! ومنها سوريا والعراق وليبيا وعرّج على لبنان ولم يذكر اليمن، لانه كما قال لي صاحبي فأن -اليمن- غائبه عن وعيهم وربما لا تستحق الذكر، بل ولم يذكر الصومال لانه لا يعلم ان الصومال دولة عربية، فالامريكيون يخلطون! ففي كل مرة اتكلم مع أمريكي أراه يصف ايران بالدولة العربية .
وما انا بصدده ان أمريكا لن تخاف وتأسى على ما اصابنا من تمزقات وكوارث ومحن ، محن لم تمر عليها أمم الارض قاطبة في العصر الحديث بل ولا (تزعل) أمريكا علينا او ترشدنا الى سواء السبيل، بل انها للأسف ساهمت وكرست واجتهدت لأنفصال الجنوب السوداني، وهي اليوم ربما تشجع انفصال الشمال العراقي كردستان، بل وتفصح امريكا دائما عن أماني خفية من خلال نشر الاخبار المؤلمة. والمثل اليافعي يقول( الخبر ياتي على قدر الشف) والشف هو (الأمنية ) فأنت تسال شخص مريض فاذا كان الذي سالته يحبه فسوف يهون الامر عليك بإجاباته ويظهر الامل الكبير في شفائه مصحوباً بالدعاء والتأسي ، اما اذا كان على خلاف او خصومة مع هذا المريض او لا يحبه، فان الخبر سيكون كما يقولون هنا في كندا( أنه ينحدر من أعلى الجبل)
سألت صديق كندي وقلت اذا لدى امريكا كل هذه المصالح مع العرب فلماذا لا يعيروننا بعض حبهم ويدافعون عنا ؟ فسوقنا مشرعة لهم، وسلاحنا من مصانعهم وخبرائهم وشركات نفطنا امريكية، وطلابنا بعشرات الالأف يدرسون في جامعاتهم الأمريكية ! فهل - نأيهم- او إنصرافهم عنا بل وبعض قسوتهم علينا وعدم إكتراثهم بنا لها ما يبررها ؟ فكان رده لقد دللتم امريكا كثيرا وهي لا ترى اي عتب منكم فهي تشجع أسرائيل واذا باعتكم طائرة بعد سنوات من المشاورات المكوكية، باعت احدثها بل شحنتها مجانا لاسرائيل فرددت - تلك إذاً قسمة ضيزى-.
لكنني اليوم وانا اكتب هذه المقال شعرت ان العرب تغيروا، فهم اليوم يصارحون ويغضبون وينتقدون بالصوت العالي ، بل ومضى زمان الهوان ، وما مناورة (رعد الشمال) الاّ صوت يعلو ويصدع وبقوة الرعود لنقول لأمريكا لسنا ذلك الصديق السهل بيعه وشرائه او التقليل من شأنه، ولقد تعلم البدوي - طيب السجايا - تعلم ترويض الرياح وتضميد الجراح والحديث بصوت كالرعد ليسمعه من في أذنه صممُ.
أخر الكلام
وليس الذي تهواه يهواك قلبه***وليس الذي صافيته لك قد صفا