دائما ما تواجهني هذه العبارة في كل لقاء او حوار أسمعه يدور في كندا - فكروا خارج الصندوق - وكأن ما في الصندق هو المألوف والقديم، وما خارجه هو المستجد وربما المُلهم. والتفكير خارج الصندوق هو غير المألوف وخارج المالوف او الإستثناء هو الذي جعل العلماء يستنبطون كل هذه الأختراعات المذهلة، ولو انهم كانوا يفكرون بطريقة الآخرين ولا يخالفون السائد والمألوف لما استمتعنا بهذه المخترعات التي جعلت حياتنا تتغير خلال 100 عام بما يعادل 5000 سنة من عمر البشرية.
دعوني في السياسة افكر -خارج الصندوق- ودعوني أستدعي هواجسي وشجوني بل وسوء ظني! وانا مع سوء ظن الطبيب لان سوء الظن تلهم المريض الحرص والوقاية التحوطية وتدارك مرضه وصد نفسه عن غيها وإهمالاتها ، والطبيب الذي يمنحك الراحة ولا يقلقك في صحتك أخاف انه قد فقد مهارته وحذقه، لان الطبيب يحذر قبل وقوع الضرر ويهول الامر لصالحك من مغبة زيادة السكر من جرّاء لقمة الخبز التي تتحول الى سكر وألى ضرر تدخين السيجارة التي قد تذهب بقلبك وحياتك .
وعن سوء الظن فمن ساء ظنه فهو فِطن! نعم فِطن، ولكنني هنا اتحدث عن سوء الظن الإيجابي لان الظنون أشكال وفنون. وسوء الظن في بعض الحالات ظاهرة مرضية تحتاج الى علاج . وعندما قلت ان سوء الظن فطنة، فقد قلتها لان الأمام الشافعي كرّسها في مواعظه وشعره وقال
لا يكـن ظـنـك إلا سيـئـاً ******إن سوء الظن مـن أقـوى الفطـنْ
ما رمى الإنسان في مخمصةٍ****غير حسن الظن والقول الحسْ
وعن سوء ظني؟ فقد الهمني هذا السوء في الظن لكي اقلق واتوقع سقوط الجنوب في يد الدواعش والهوارش ،وخرجت بنتيجة من خلال متابعاتي الحثيثة والدقيقة لمسارات المعارك من صنعاء حتى شبوة مرورا بتعز ومارب والجوف. والنتيجة ان هناك آلة شيطانية مخيفة تتحين الفرص لكي تفشل اي إنتصار مدوي لدول التحالف وان 11 شهرا من العمل العسكري كان يمكن ان تحقق نصرا مبيناً خلال أسابيع، ولكن تبين لنا ان البحار كانت مفتوحة وان التهريب -على وذنه- كما وان المال متوفر وفوق حدود الخيال وربما يكفي لمد أمد الحروب سنوات عجاف قادمة كما وأن الحلفاء ليس لهم -خاطر فينا- ابدا.
والحل هو ان تعجل دول الخليج الى ضم اليمن الى مجلسها التعاوني فقد طالت مواعيد الإنتظار وإستطالت واليوم قبل الغد تعلنها حتى تحقق الثقة وترسخ التقارب، مع تدرج في هذا الضم لمدة خمس سنوات وللحد من الانتقال -الجائحي- لابناء اليمن الى دول الخليج بتنظيم قبولهم للتنقل والسفر وألأقامة وقبول فقط العمالة في تخصصات وحرف فقط وليس عباس مع دباس! هنا نقف ضد نزيف العمالة من اليمن بل ونحول دون إرباك دول الخليج والتضييق عليهم في عيشهم. على أن سبب شيطنة اليمن اننا تركناه للشياطين .
ومن خارج الصندوق أرى في إعلان حلف دفاعي يسمى مثلاً -حلف الدفاع العربي- أُسوة بحلف وارسو -المُنحل- اوحلف -الأطلسي- الذي يتوسع ويتمدد اليوم في كل بقاع الأرض ،على ان تتموضع قوات عسكرية ضاربة للتحالف العربي في- قاعدة العند- وهي حاجة ماسة تستدعيها الضرورات الملحة في هذا الظرف الدقيق، بل يتم الإستفادة من جزيرة -سقطرى- لانشاء قاعدة بحرية لدول التحالف العربي، وان تبقى المنطقة محروسة لسنوات بعين راصدة، فما يلوح لنا اليوم هو ان المنطقة مستهدفة وبقوة وليس للدول الكبرى نية مخلصة في ترسيخ السلام في منطقتنا من المغرب العربي الى المشرق، كما ان الغرب المحوا ان حروبهم لإقتلاع -داعش- قد تستمر السنوات عجاف! ولهذاعرفت لماذا حماري يعرج!بل وعرفت لماذا قررت اليوم - كندا- الإنسحاب من هذه المهمة التي رأت انها عبثية !وأن هذه الحرب -مُلغزة- ولا تحشد الجدية والإخلاص .
صحيح ان قلقي قد يكون مبالغاً وساذجاً ، بان المنطقة ستقع -وأنه لا أحد يسمي عليها- وان هذا ما سوى محض سوء الظن وتهاويم وكابوس -قات يافعي- ولكنني قلتها حتى يطمأن قلبي، في ان الوقاية خيرا من العلاج وان سوء الظن فطنة ووقاية، وان مستقبل الايام لن يكون كما قال الشاعر
ربُ يومِ بكيتُ منه فلمّا ****صُرتُ في غِيره بكيتُ عليهِ.