الخوف من خصمك ليس في تواصله مع محيطه وإنفتاحه على العالم بل ان الخوف ياتي من غموضه وتمترسه وإنكافائه المُريب ولقد تقوقعت في فترة من تاريخها الصين الشعبية وخافت رياح الغرب بل والشرق فتنفست الهواء العقائدي المسموم والممهور بالعنف والقسوة كما وفرض الحصار على ايران نتيجة تنمارتها فتوحشت بدورها ودفعت ثمن ذلك سنوات من الحصار المرهق والقاسي بل والمذل، ولقد تضعضت ايران وأرهقت بسبب الحصار الطويل الذي اوجعها وهد بنيانها وفوت عليها فرصا سانحة ومواتية في تحديث صناعة النفط والتنقيب والسياحة وتنشيط التجارة البينية بل ان هذا الحصار ساهم في تخلف بل إهلاك بنية صناعة النفط والغاز.
أن ايران تعد من اكبر الدول في المنطقة التي تزخر ارضها بمخزون هائل من النفط بل ومخرون غازي هو الثاني بعد روسيا الاتحادية.بل ان وزير البترول والثروة المعدنية في إيران- رستم قاسمي- قد صرح بأن ايران تملك احتياطيات نفطية هائلة وصلت اليوم تقديراتها الى 600 مليار برميل ورغم عدم تصديقنا لهذا الرقم الفلكي الا ان الارقام عن الاحتياطات الغازية وضعتها الدولة الثانية في مخزن الغاز الطبيعي بعد روسيا ، بثروة قدرت ب 27 ترليون متر مكعب. على ان ما صرح به الوزير- ونصدقه- ان عوائد النفط والغاز تدر سنويا على ايران ما قدره 220 مليار دولار ! ومن المؤكد ان معظم هذه العوائد تكرس للابحاث والصناعات العسكرية وتقوية عضلات الشر.
وعن رفع الحصار عن ايران فقد هلل لهذه الخطوة الشعب بل احتفل بها وهي مؤشرات تبرز نجاح وقوة فريق الانفتاح بقيادة الرئيس الايراني ووزير خارجيته - محمد جواد ظريف- وعن زيارة الرئيس الايراني الى فرنسا وايطاليا مرورا بدولة الفاتيكان، فقد اتت أُكلها وأبرزت حفاوتها بالضيف الثري بل ومجاملاتها النادرة حيث تم ستر وتغطية اجساد تماثيل روما -الفاحشة العري- !وذلك إحتراما للضيف الكبير. ومن حجم الوفد يتاكد لنا حجم الاتفاقيات التي شملت اتفاقيات في مجال التنقيب والبتروكيماويات وتصدير الغاز وشراء طائرات أير باص العملاقة الى صناعة الدواء وصناعة المركبات.
وهناك من سأل اين العرب! وايران اليوم تنفتح على العالم ؟ وارد على هذا السؤال، إن العرب وخصوصا دول الخليج على علاقة بل شراكة واسعة مع اوربا وامريكا بل والعالم ، وان عليهم ان لا يشعروا باي مخاوف اومضاضة من جرّاء إنفتاح إيران عالى العالم الغربي، بل إن الخوف والقلق يأتي من تقوقع ُيران وتنفسها لهواء العداوات المضمخ برائحة البارود الذي يكدس في مصانع الصواريخ والذخائر.
إذن على العرب وخصوصا دول الخليج انتهاز الفرصة في رسم خطة - بناء ثقة وشراكة أقتصادية- مع إيران التي تتوق الى الإنفتاح والى الأستفادة من شراكات ومشاركات وتراضيات في مجال حصص النفط المنتجة وتلافي الاغراق والاضرار بسعر سلعة هي أم السلع واساس أنتاج السلع والتي يجب ان لا تهون وتبخس بهذا الشكل الذي هانت عليه، فقد تهاوت أسعار الوقود الاحفوري او المنتج -المعجزة- الى حضيض ما بعده حضيض.
ومن نافلة القول أن الانفتاح في إيران والإسترخاء النوووي، لم يكن وليد رغبة تمثل القيادة الروحية بل وليد ضغط شعبي جارف ومتنامي اثبتته ألاحداث وبرهنت عليه ألانتخابات التي اتت بحسن روحاني وطاقمه من -البرجماتيين- الذين يتوقون الى احداث ثورة الأنفتاح التي اكاد أقارنها بثورة او إصلاحات جورباتوشف (البروسترايكا) -إعادة البناء- في الإتحاد السوفيتي في التسعينات من القرن المنصرم.والتي غيرت خريطة الأتحاد السوفيتي ونهجه إلى الأبد.
والحقيقة ان جميع وسائل الاعلام الغربية وكل من كتب في صحف الغرب وكل من إستمعنا لهم يتحدثون عن الزيارة، فقد اجمعوا أن ايران تودع اليوم ثورتها وحماساتها وتحشداتها وتنمرها لتنهج اليوم طريق البحث عن الرفاه، والذي يتوق اليه شعبها المقهور الذين تعبوا من سماع الاناشيد الحماسية وزلزلة الأرض تحت اقدام طوابير العروض العسكرية -المتحرشة- لقد ملَّ الشعب وضاق لمشاهدة هذه الطوابير ونرجسياتها وشوفونياتها وحماساتها والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.
على العرب اليوم ان ياخذوا بزمام المبادرة أن لا ينصتوا الى المتشددين الذين لا يرون اي أمل او فائدة من مد يد الصداقة لجارة أعتادت التربص والتمترس. اننا الى إيران أقرب وإيران أقرب الينا، فنحن في محيط جغرافي واحد وما يجمعنا اكثر مما يفرقنا، ودرء العداوات هو النصر المستدام.