إزدواجية المواقف لأقتحام السفارة والقنصلية السعودييتين في إيران

2016-01-05 05:36

 

تصاعدت أزمة العلاقات السعودية الأيرانية في أعقاب إقتحام متظاهرين ايرانيين للسفارة والقنصلية السعوديتين في إيران لما أدعوه إحتجاجا علي إعدام نمر النمر رجل الدين السعودي الشيعي

ومباشرة بعد هذا الحادث المخالف لمبادىء القانون الدولي والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية والقنصلية اتخذت المملكة قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران بطلب الخارجية السعودية من الدبلوماسيين الإيرانيين مغادرة البلاد في غضون ٤٨ ساعة في الوقت الذي قامت الرياض بإجلاء دبلوماسيها من إيران

 

ومن المثير الاشارة اليه هنا الي إختلاف ردود فعل العواصم الغربية إزاء الأعتداء علي السفارة السعودية في نهاية هذا الأسبوع مقارنة بحوادث مماثلة لسفارتي الولايات المتحدة الامريكية في عام ١٩٧٩ وللسفارة البريطانية في عام ٢٠١١ وكيف يمكن تفسير إزدواجية هذه المواقف بين الحالتين هل يعود ذلك الي إختلاف السفارة المستهدفة ام الي تغير طبيعة العلاقات الدولية ام لأسباب أخري ؟قبل التعرض الي هذا الجانب الجانب يتوجب علينا التذكير بنصوص قانون فيينا المتعلق بالعلاقات الدبلوماسية

 

اولا ـ اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية ( ١٩٦١ )

————————————————

جميع الدول بما فيها المملكة العربية السعودية وإيران صادقت علي إتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام ١٩٦١ والتي تنص مادتها ( ٢٢ ) بأن  " تتمتع مباني البعثة بالحرمة وليس لممثلي الحكومة المعتمد لديها الحق في دخول مباني البعثة ٠٠٠وعلى الدولة المعتمد لديها إلتزام خاص بإتخاذ كافة الوسائل اللازمة لمنع إقتحام أو الأضرار بمباني البعثة وبصيانة أمن البعثة من الاضطراب او من الحط من كرامتها …"

برغم وضوح هذا النص ومع ذلك لم تتلتزم به السلطات الايرانية وتحملت بذلك مسؤليتها الدولية في انتهاك الاتفاقية المنظمة للعلاقات بين الدول والتي من دون إحترامها تسود الفوضي وعدم الاستقرار في العلاقات الدولية

 

في ازمة العلاقات الامريكية الايرانية في عام ١٩٧٩م برر البعض الفوضي العارمة السائدة حينها مع اندلاع الثورة الاسلامية الايرانية بسيطرة التيارات المتطرفة التي لا تعتبر نفسها مقيدة بالقانون الدولي والاعراف الدبلوماسية لتبرير الانفلات الامني وسيطرة تلك التيارات المتطرفة علي مفاصل الدولة ولكن كيف يمكن تفسير تواري السلطات المدنية والمنتخبة من السيطرة علي الأمور بعد مرور ثلاثة عقود منذ قيام الثورة ؟ وذلك بتكرار الاعتداءات علي السفارات الاجنبية في العاصمة الأيرانية ؟ من أزمة السفارة الامريكية ثم حادثة السفارة البريطانية والان مع السفارة السعودية

 

ثانيا ـ إزدواجية المواقف الدوليةازاء الاعتداء علي السفارة السعودية مقارنة بالحالتين الامريكية والبريطانية

——————————————————————————————————

١ـ الازمة الامريكية الأيرانية

—————————

في ٤ نوفمبر ١٩٧٩ اقتحمت السفارة الامريكية في طهران  وتم اخذ عدد من الرهاذن الامريكيين وقامت الولايات المتحدة الامريكية الي دعوة مجلس الامن الدولي للانعقاد وفي نفس الوقت رفعت موضوع نزاعها الي محكمة العدل الدولية في لاهاي والتي لمن لا يعرف ذلك مهمتها تقتصر على النزاعات ذات الطابع القانوني الصرف ولا تبث في الخلافات السياسية

فعلى مستوي مجلس الامن الدولي في البدء ارسل مندوب الولايات المتحدة برسالة الي رئيس المجلس في ٩ نوفمبر بطلب عقد اجتماع طارئى للمجلس من أجل إطلاق سراح طاقم السفارة وإحترام حصانة الافراد ومباني البعثة الدبلوماسية ثم دخل الامين العام للامم المتحدة علي الخط بطلب انعقاد المجلس الذي انعقد في ٤ ديسمبر وفي ٢١ ديسمبر طلب الرذيس الامريكي كارتر من مجلس الامن فرض عقوبات اقتصادية ومالية علي إيران لعزلها علي مستوي علاقاتها الدولية وصدر فعلا قرار من مجلس الامن في ٣١ ديسمبر دون فرض عقوبات وذلك لاتاحة فرصة للدبلوماسية الاممية عبر مساعي الامين العام الذي فشل فيها واعيد بحث الازمة علي مستوي مجلس الامن في منتصف يناير١٩٨٠ بغرض فرض عقوبات مشددة علي إيران وأسرد هنا مقاطع من مداخلة مندوب الولايات المتحدة ( دونالد هنري ) حيث قال " ان عدم احترام مبادىء القانون الدولي من قبل إيران يتطلب إتخاذإجراء عملي فعال من قبل مجلس الامن وفق ميثاق الامم المتحدة وعلي مجلس الامن إتخاذ الخطوات المناسبة من اجل ان تتحمل الامم المتحدة مسؤلياتها الملقاة عليها في الحفاظ علي الامن والسلم الدوليين "ومع ذلك لم تستطع الولايات المتحدة تمرير قرار فرض عقوبات علي إيران حيث استخدم الاتحاد السوفيتي حينها حق النقض ( الفيتو )

وعلى مستوي محكمة العدل الدولية فقد اصدرت حكمها في ٢٠ مايو ١٩٨٠ مطالبة إيران بااجماع اعضائها تصحيح الاوضاع الناتجة من إقتحام السفارة الامريكية بانهاء الأحتجاز غير القانوني لأعضاء السفارة وتوفير وسائل المواصلات الامنة لهم للخروج من إيران وتكليف الدولة السويسرية بتولي حماية المباني الدبلوماسية والارشيف ٠٠٠الخ ذلك

 

٢ـ الازمة البريطانية الأيرانية

—————————

تم إقتحام السفارة البريطانية في إيران في ٣٠ نوفمبر ٢٠١١

= رد فعل بان كي مون الامين العام للامم المتحدة في تصريح له بالقول انه صدم وأثاره ماحدث بسماعه لخبر اقتحام عدد من المتظاهرين لمبني السفارة البريطانية في طهران واخذه لفترة قصيرة عدد من الرهائن وتحطيم نوافذ مبني السفارة وعبر من جهة اخرى عن تقديره لموقف مجلس الامن الدولي لأدانته للحادث مطالبا من السلطات الايرانية بالتحقيق في الحادث والعمل علي عدم تكرارها

 

= موقف الولايات المتحدة ادانت السيدة هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية حينها بشدة واعتبرتها تحدي ليس لبريطانيا فحسب بل للجتمع الدولي بأسره وعلي ايران مسذولية حماية الدبلوماسين ومقراتهم في بلادها

 

٣-الأ زمة السعودية الايرانية

—————————

كان ردود الفعل مختلفة لاقتحام السفارة السعودية في إيران في نهاية هذا الاسبوع

تحدث وزير خارجية المملكة العربية السعودية عادل الجبير بانه سيقوم بابلاغ مجلس الامن الدولي الذي لم يطلب إنعقاده

ورداً علي سؤال لم يستبعد إمكان طرح القضية امام محكمة العدل الدولية

= جاد رد فعل بان كي مون بدعوة الاطراف الي الهدوء وضبط النفس في الشرق الأوسط مبدياً الاسف لأعمال العنف التي قام بها المتظاهرون ضد السفارة السعودية في طهران

= موقف الولايات المتحدة جاء على لسان المتحدث بأسم وزارة الخارجية الأ مريكية بقوله نعتقد أن الحوار الدبلوماسي  والمحادثات المباشرة تبقي أدوات أساسية لحل الخلافات وسوف نواصل حض قادة المنطقة علي القيام بخطوات ايجابية لتهدئة التوترات

 

من الواضح ازدواجية ردود الفعل  الغربية بين ماحدث للمملكة في إيران وماحدث لبريطانيا ومن الموسف ان الاختلاف كان ايضا على مستوي الامين المتحدة

 

ولحسن الحظ ان معظم الدول العربية الخليجية خاصة تضامنت مع المملكة العربية السعودية وكان من المؤمل ان يقوم امين عام مجلس التعاون الخليجي بطلب عقد إجتماع عاجل لوزراء الخارجية لاتخاذ موقف جماعي ام أن التوجه بعقد إجتماع مجلس جامعة الدول العربية ليكون قرار جماعي بهذا الصدد علي مستوي العالم العربي وآذكر بهذا الخصوص القرارات الهامة التي اتخذتها جامعة الدول العربية في أزمة العلاقات بين جمهورية مصر والمانيا الاتحادية في عام ١٩٦٥ حيث تضامنت جميع الدول العربية مع مصر وقطعت علاقاتها الدبلوماسية معهابرغم الاختلافات السياسية حينها بين دول الخليج ومصر عبد الناصر

 

الخلاصة

———

1-    المبادرات السعودية والخليجية في إثبات وجودها واخذ زمام الامور بيدها لمواجهة تحديات التوسع الايراني والارهاب الدولي سواء علي مستوي دعم الشرعية في اليمن زو تشكيل حلف اسلامي في مواجهة الارهاب والتطرف لا يروق إطلاقا ليس على مستوي إيران فحسب بل علي مستوي القوي الدولية

 

٢- السوال للشرعية اليمنية هل تداعيات ازمة العلاقات السعودية الايرانية ستشهد رنعكاساتها علي الحرب الدائرة الحالية ضد الحوثيين وجماعة صالح حلفاء إيران وعلى المشاورات القادمة بين الطرفين / واشير بهذا الصدد انني تعمدت سرد كلمات مندوب الولايات المتحدة في الامم المتحدة اثناد الازمة مع إيران متعشما على مندوبي اليمن في الامم المتحدة ان يكون في نفس المستوي من قوة الخطاب وسلامة الحجج بدلا من إستعمال عبارات انشائية طنانة رنانة

 

بريطانيا في ٤ يناير ٢٠١٦