صالح علي الدويل باراس
لا أعتقد الكلمات الأربع فقط لبّ الموضوع وان المقصود الانتماء لأي مجتمع حديث أن يكون انتماء ثقافيا وليس عرقيا ،لأن ما يدور يتجاوز في تلميحاته وتصريحاته مسألة الانتماء الثقافي ويجعل الجنوبيون كأنهم يأتون منكرا في نقاشاتهم السياسية التي يؤسسون بها لمستقبلهم وأنهم بذلك يؤسسون انتماء عرقيا باسم " الجنوب العربي" بل سيخرجون به من سعة قول الرسول صلى الله عليه وسلم "الإيمان يمان والحكمة يمانية" والحديث لو أخذنا تخصيصه فقد ورد في رهط من الا شاعر من تهامة ،والكل يعرف أن تهامة وأهلها يعيشون اليوم في ظل عرقية "يمننة القبيلة السياسية" اقرب ما يكونون من ذمية إسلامية حسب توصيف الدكتور ابوبكر السقاف ،وتارة بأنها ستسلب حقوق آخرين شاركوهم في المدلول البحثي والتاريخي وفرقتهم الهويات السياسية ،وتارة بأنها تسمية قاصرة لو ترجمت فلن يفهمها احد، لكن لو تساءل متسائل هل تسمية جمهورية "جنوب إفريقيا" سلبت حقوق آخرين كانوا يشاركونهم في المدلول البحثي والتاريخي وبالتأكيد ان ذلك المدلول كان منذ مئات السنين أوسع من حدود "جمهورية مانديلا"
لم تكن عدن فقط مدينة الانتماء لها ثقافي وليس عرقيا بل الجنوب والفطرة السوية لقبائله وفئاته ، هذه الجنوبية وليس العدنية فقط تقبّلت "عبد الفتاح اسماعيل" ورفعته رئيسا ولم تدقق في عرقيته وسلّمت مفاتيح الأمن السياسي "محسن الشرجبي" ولم تدقق في هويته وسلمت ملف الوحدة "راشد ثابت " ولم تأبه لهويته وسلّمت وسلّمت ...الخ ولم يأبه لهويتهم ، إما الهويات القاتلة والحديث المضطرب عنها لاسيما في الجنوب كما أورده الدكتور "سروري" فليس مصدره الجنوب وليس مصدره مابثّه علي عبدالله فيه من سموم فقط، ولا عبارة الشيخ الاحمر عن"عودة الفرع للأصل" فقط، بل واكبتها ونظّرت لها نخب شمالية فهذا "حمود العودي"تخلّى عن تقدميته ومفاهيم الانتماء الثقافي. والتحق بموكب "منارات" التي أسست لثقافة 7يوليو صرح في احد ندواتها حين بدأ جنوبيون يتكلمون عن ضرورة رفع الظلم والشراكة بين الشمال والجنوب فصرخ في احد ندواتها قائلا:انه لا يتردد في الوقوف وراء سلطان!! او شيخ!! للدفاع عن الوحدة"!!!
وانظر الى مقالة رجل إعمال من الذين احتضنهم الجنوب ولد في عدن ودرس فيه وابتعث منه وعمل فيه وأصبح رجل إعمال منه فقال وهو يقابل مجموعة الأزمات الدولية لإعداد تقريرها "نقطة الانهيار صدر 20 اكتوبر 2011م":"من المستحيل بالنسبة لي التفكير في الانفصال ،إنا من الحجرية ،وكنا دائما نصف أنفسنا بأننا من ريف عدن ،عندما انهينا الدراسة ،بحثنا مباشرة عن العمل في عدن"!!! السؤال يادكتورنا هل انتماء كهذا انتماء ثقافي ام انتماء عرقي ؟هل كان زكي بركات جاهلا للواقع عندما ردد عبارته"ياجماعة،ممكن تقولوا لي ماهي طائفتي" وهل سار على درب عدم الفهم عمر الجاوي وابوبكر السقاف وجعفر امان وباذيب ..الخ .
الم يكن "انجرامس" يرى الانتماء وحقيقة الصدق فيه أكثر مما رأوه فقد قال:"بينما في عدن كانت قوة العمالة مكونة في الغالب من القرويين اليمنيين الذين يهاجرون الى عدن وليس لديهم أي اهتمام بشؤون المستعمرة يتجاوز أجورهم" ألم ترّ في تشخيصه ذلك الجامعي الذي لم يتجاوز في انتمائه مسألة الأجر والعرق ؟إنه لم يهتم لثورة الجنوب لانه لاينتمي ثقافيا له بل للقرية ، للعرقية فيها ،لم يهتم لدماء الجنوبيين او لتدمير مؤسساتهم ونهب ثرواتهم ،الذي يهمّه ان تظل "الحجرية"من ريف عدن،ولم اسمع ان جنوبيا أنكر على أهل عدن -الذين ينحدرون من أصول غير جنوبية- عدنيتهم او جنوبيتهم لكن ما سيقاومه الجنوبيون ان يجعل بعضهم عدن ميراثا لدول استقرّت منها جاليات عملت في عدن وتاجرت فيها فعدن ليست سياق منفصل عن محيطه ولن نكثر من الشواهد فهونج كونج ليست بعيدة في الذاكرة السياسية ولم يقل رجل إعمال منغولي عاش فيها واغتنى منها ان منغوليا ريف هونج كونج وانها بذلك جزء منها!!!.
،وأرى انه جدير بالتأمل ما أورده الدكتور ابو بكر السقاف وهو ممن أستشهد بهم الدكتور "السروري" ، عن الهوية بحيث تكون مظلة للانتماء الثقافي "إن القضية هي ان مسيرة التاريخ أثمرت خلال ثلاثة قرون واقعين مختلفين في سياق تنوع وتفاعل وتمايز احدهما جنوبي والآخر شمالي وأنتج الزمن الجنوبي مع اللحظة الاستعمارية هوية جنوبية!!كانت حركة التحرر الوطني ثورتها الوحيدة كما في البلدان العربية والهوية ليست قارة أنها سياق تاريخي اما الشمال فان الهوية فيه تخلو من لحظة الاستعمار الجامعة التي تفسر تحديات الذات والآخر كما انه ما يزال يرفض كل ما يحقق الاندماج الوطني..."
في الاخير على الدكتور ان يتأمل مآل ثورة التغيير في الشمال، ويتأمل انه بعد تلك اللحظة الاستعمارية مع البريطانيين فقد أنتج الزمن الجنوبي مرة ثانية مع لحظة الاحتلال الثاني هوية جنوبية وكانت حركة التحرر الوطني الجنوبية "الحراك الجنوبي" ضد الاحتلال ثورة الهوية الجنوبية والسياق التاريخي لها وفي هذا الزمن الجنوبي ستتضح ملامح الانتماء الثقافي او العرقي لهذه الهوية الجنوبية التي لا مجال فيها للمفاضلة بين"الصلاة خلف الإمام علي أتم ومأدبة الأمير معاوية أدسم" .