الجسمي بين مطرقة علم الوحدة وسندان شعب الجنوب في اغنية ‘‘محبوبتي‘‘

2015-10-10 04:53
الجسمي بين مطرقة علم الوحدة وسندان شعب الجنوب في اغنية ‘‘محبوبتي‘‘
شبوه برس - خاص - الشحر

 

* خاص لـ شبوه برس -

كثيراً ماتغنى شاعرنا الكبير حسين المحضار بالوطن وحب الهيام به، فمن خلال ابيات قصيدته الشهيرة "محبوبتي" نلاحظ ان المحضار كان يتغنى بحب الوطن، شأنه في ذلك شأن الكثير من ابناء الشعب، ويصرح في غير ماموضع بهذا الحب الذي يؤرق عليه حياته، فلا يستطيب العيش الا بها، لذا نراه يعلن مدى تعلقه ببلاده وحبه اياها ذلك الحب الذي لاتغيره صروف الدهر ولا حوادث الايام، فيقول في احد ابيات قصيدته:

 احببتها في ثوب بالي عيف أبلاه الزمن..

احببتها والسل فيها والجرب مالي البدن..

 

فهكذا يعتمد المحضار على التجسيم ليصور هذا الحب العظيم، الذي لايتغير وان ظهرت اعراضه على الشكل الخارجي، من خلال بروز الوطن وكأنه إنسان مصاب بمرض السل والجرب، فهو الابن البار لهذا الوطن الذي يتألم لألمه ويفرح لفرحه.

 

تعتبر كلمات قصيدة "محبوبتي" وألحانها حضرمية شحرية اصيلة .. فهي لسيّد الشعراء حسين ابوبكر المحضار ومن ألحان إيقاع حضرموت الخالد ومطور رقصاتها الشعبية الموسيقار علي سعيد علي "رحمهما الله" ، ولحّنت على الايقاع الشحري "الرومبا" الذي تشتهر به مدينة الشحر بإمتياز.. وقد كُتبت هذه القصيدة ولحّنت وغُنّت في الثمانينات قبل الوحدة اليمنية بصوت الفنان القدير محفوظ بن بريك وسجلها في الاستوديو بدولة الكويت، وكانت مقصودة لــ جمهورية "اليمن" الديمقراطية الجنوبية، ثم تغنى بها الفنان كرامة مرسال وفنانين آخرين..

 

وفي هذه الايام أعاد الفنان الاماراتي حسين الجسمي تسجيل الاغنية وعُمِل لها مونتاج واخراج من قبل المخرج فهد الجسمي لتكون رافد للأغنية لنقل صورة أوضح بالرغم ان أشعار المحضار لاتحتاج إلى صورة توضحها كونها هي الكلمة والصورة والمعنى، وتم عرضها على الشاشة كهدية لليمن حد قوله.

 

وقد حاولنا ان نختار بعض الملاحظات من تلك الاغنية والفيديو كليب الذي تم عرضه في القنوات الفضائية لتكتمل امام المشاهدين تلك الفكرة. ولذلك لكل عمل هناك إيجابيات وسلبيات، وهذا شي طبيعي فالانسان لايكتمل. كما اننا كبشر لسنا معصومين عن الخطأ.

 

* ان ايجابيات الفنان حسين الجسمي في الاغنية كثيرة ولكن نذكر اهمها، ألا وهي:

- انه ذكر اسم الشاعر والملحن للأغنية وهو افضل من غيره من فناني الخليج والجزيرة العربية ممن استحوذوا على تراثنا وقصائدنا وألحاننا دون ذكر اسم الشاعر والملحن والبلد .

 

 - أدخل مشاهد حضرمية جميلة في الفيديو كليب من تصوير ابن مدينة تريم الشاب المبدع احمد بن يحيى نظراً لإرتباط حضرموت بالاغنية من حيث الكلمات والالحان والايقاع.

- اداء الفنان حسين الجسمي للاغنية كان رائعاً.

* اما الثغرات او السلبيات في الاغنية فهي:

- في البيت الذي يقول:

وان غبت عنها أنا لها حنيت..

والحاصل إن الحب شي ماله "ثمن"..

كان الاجدر إستخدام لفظة "قَمَن" بدلاً من لفظة "ثمن" مثلما تغنوا بها أغلب الفنانين، كون قَمَن لها معنى أوسع، لأن الحب ليس له قياس، واللفظة التي تطابق هذا المعنى هي قَمَن ( والقمن هي تثمين أو تقييم للشيئ) .

 

- قام المخرج بإدخال مشاهد للعلم اليمني الوحدوي اكثر من مرة يرفرف في المونتاج والاخراج بالرغم ان الاغنية كُتبت ولحّنت وغُنّت من أجل عَلَم آخر ألا وهو عَلَم دولة اليمن الجنوبي، اي قبل توقيع مشروع الوحدة المشئومة.

 

- لم يراعي المخرج مشاعر ابناء اليمن الجنوبي في وقتنا الحالي، حيث ان العَلم الذي ظهر في فيديو الاغنية يغيظ ابناء الجنوب ولم يعد الرأية المحبوبة لديهم منذ سنوات.. فشوارع الجنوب ومدارسه وجدرانه اصبحت اليوم تملأها اعلام دولة اليمن الجنوبي، وكان الاجدر ان لايظهر اي علم لتجنب التقليل من شأن المونتاج والاخراج ومراعاة ابناء اليمن الجنوبي، لأن العمل سيغيظ الجنوبيين كونهم لديهم قضية وطن وعَلَم خاص بهم.. وأعتقد انه لو كانا الشاعر والملحن في الحياة الدنيا فلن يرضوا بمثل هذه المشاهد في الفيديو كليب في وقتنا الحاضر.

 

ومن هنا نستخلص بأن فيديو كليب أغنية "محبوبتي" هو عبارة عن مادة إعلانية تدعم الوحدة اليمنية لترسيخها، ويوحي للشعوب الاخرى ان اليمن هو يمن واحد ولايعاني من اي مشاكل، اهمها قضية فك الارتباط التي يطالب بها شعب الجنوب المحتل لإستعادة دولته.

 

في الاخير نشكر الفنان الاماراتي حسين الجسمي على هديته، ونتمنى مراجعة مثل هذه الاعمال قبل خروجها للعرض لمراعاة هموم الشارع ومطالبه ليكون العمل متكامل يحبه الجميع وان لا يخدم جهة معينة على حساب قضية شعب وأرض وهوية.

 

*- بقلم الكاتب والصحفي – عدنا باسويد