يقول الشاعر:
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها**ولكن أحوال الرجالِ تضيقٌ.
والحقيقة اليوم ثبتت وترسخت اننا نحن العرب لم نتعلم حب الناس . ولقد كنت في احد الكليات في كندا اتلقى دروس في الادب الانجليزي كلغة ،ومن ضمن ما كنت اقرا كتيب صغير في الإنشاء يحتوي على مقالات عجيبة تمنيت ان اترجم بعضها الى العربية . من ضمن مقالات الكتيب تعلم كيف تحب الناس . وحب الناس تعلم وتربية وليس فطرة فالانسان فُطرعلى الأنانية والفتك والظلم ولولا ذلك ما فتك قابيل بأخيه هابيل.
وما نراه اليوم في سوريا يثبت ذلك، فتشرد 11 مليون سوري يهيمون بدون سكن او تعليم او امن في مساحات الارض السورية التي أحترقت زرعاً وضرعاً وسكناً، كما أن هناك 4 مليون مواطن سوري تركوا بلادهم بعد ان هدمت بيوتهم وقتل الكثير من اهلهم وهم اليوم يسكنون في مخيمات تمتد من لبنان الى الاردن الى تركيا ،وهناك من اللاجئيين السوريين من فروا ووصلوا تخوم -المجر- ووجهتهم هي المانيا للإقامة الدائمة وليس المؤقتة وأكتساب الجنسية .
هذه الدولة المزحومة الضيقة المترفة ابت ان تجعل الرفاه لها بل لمن قست عليه الحياة وها هي اليوم تستقبل اخوتنا ونحن نصد الابواب دونهم .
كل الشرق الاوسط أزور ورفض وعنت واستهجن استقبال اللاجئين السوريين فلا هم تلمسوا ويلات و عناء اطفالهم وشيوخهم ونسائهم فمنحوهم فرصة البقاء هنيئة حتى تنتهي الويلات في وطنهم الجميل-سوريا- الذي احترق، ولا هم ساهموا بقرار تدخل يعجل في وضع حدٍ للحرب الظالمة التي اشتعلت وزادت اشتعالا في سوريا الجميلة الفاتنة ولقد قتل ربع مليون في حرب بدون راية ،بحيث اتت الحرب على كل سوريا فلم يعد في كل مساحة سوريا ما هو قائم فلا أمان ولا منازل ولا مزارع ولا مدن ولا مستقبل منظور .
سوريا هي البلد الاجمل في المنطقة العربية وهي بلاد الحضارات والفن واول ابجدية وحاضرة الامة الاسلامية ونهر بردا والجمال والسحر والشعر والمساجد والورع .
والشام -سوريا- جمال الانسان والطبيعة والاخلاق والكرم والشجاعة، ولكن لقد حسدها العالم فقرر ان يحرقها ويسحق كل شيء جميل فيها بما فيها الانسان العربي السوري الذي تشكل وارتسم تاريخنا معه وعبره منذ سيف الدولة وصلاح الدين .
ضاقت الارض على رحبها باهلنا السوريين فبلادنا العربية التي هي بمساحة تزيد عن 11 مليون كيلو متر اي اكبر من كندا وتقارب مساحتها الاتحاد الروسي ،هي بلاد فارغة مقفرة من الانسان ولديها من الثروات ما يكفي العالم ولكنها ضاقت وعجزت ودمدوت عندما بداء يطرق ابوابها هلاء المشردون وهم منا من دمنا ومن جينتنا الوراثية وهم الاصل والفصل - شيم الأنوفِ بيض الوجووهِ من الطرازِ الأول -.
اليوم تستقبل المانيا او قررت ان تستقبل المانيا 800 الف لاجىء سوري وهو عدد مخيف ومرعب من السوريين وكل ذلك رافة بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم الذين يموتون في عرض البحار في زوارق المهربين بينما العالم العربي يحيطهم ولكنه موحش قاسي كصخور الجارانيت. هولاء اللاجئون يصلون الى المانيا عبر -المجر- التي سيجت ارضها وسميت بعد السياج - بلاد العار- بسبب هذا السياج القبيح . ثم تتحرك هذه الكتل البشرية المرهقة المنهكة الهائمة تتحرك عبر الحدود المجرية بعد أخذ البصمة متوجهة في قطارات تعبر -النمسا -،الى أغنى وارقى دولة في العالم وهي المانيا الاتحادية، التي تمثل قمة الانسانية والتعاطف والتوادد والتضحية، فلقد أنصتت لانين وبكاء الاطفال ونواح الثكالى، اما العرب فقد تململوا وضاقوا واشاحوا عن اخوتهم السوريين وهم شرفهم وتاريخهم وبصمتهم الوراثية ، وهم اي العرب اشاحو او تصانجوا ،صنجهم الله ! فعلى آذانهم اليوم وقَر ثقيل تراكم وتصلب هذا الوقر، وهو اليوم بصلابة الصخر بل انه كالفولاذ . أخر الكلام .
وليس الذئبُ يأكلُ لحمَ ذئبٍ**ونأكلُ بعضنا بعضاً جهارا