■ هل تغيرت ايران .. ام الغرب ؟!

2015-08-06 10:21

 

■ شهدت الأيام القليلة الماضية ارتفاع في مستوي الاتصالات على مسار العلاقات الأوربية - الايرانية بشكل لافت ، بل وعلى نحو ينم عن تسابق امريكي – اوربي على اثر توصل الدول الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي بالاضافة الي المانيا (5 1) مع ايران الي الاتفاق النووي ، بعد 13سنه من المفاوضات لم تستسلم خلالها ايران لشروط الدول الكبرى ، و لم تتهيب التهديدات الامريكية ، التي لوحت بها الادارات السابقة لإدارة اوباما .. الذي اعتبر الاتفاق انجازا تاريخيا يرتقي الي مستوي ما حققه الرئيس جون كنيدي تجاه الاتحاد السوفييتي.. خلال ما اطلق عليه أزمة الصواريخ الكوبية .. التي كادت تؤدي الي حرب نووية بين الاتحاد السوفييتي و الولايات المتحدة على اثر قرار الرئيس الامريكي بضرب حصار على جزيرة كوبا، لاعتراض السفن و الطائرات السوفييتية من الوصول الي كوبا عام 1962 في اعقاب عدة محاولات امريكية لإسقاط نظام الزعيم الكوبي فيدل كاسترو ، في مواجهة هي الاكبر والأخطر.. بين السوفييت و الامريكان في ما اصطلح على تسميته الحرب الباردة ، التي يظن البعض انها انتهت بإعلان الرئيس بوش ـ الأب النظام العالمي الجديد خلال لقاءه باخر زعماء الاتحاد السوفييتي غورباتشوف في هلسنكي عشية تحرير الكويت من الغزو العراقي 1990.

 

ازمة الكويت .. التي كانت واحدة من اكبر الازمات في الحرب الباردة ، اراد منها الرئيس : بوش الاب ان تكون نهاية النظام الدولي الثنائي القطبية ، وهو مالم يتعرض له أوباما في خطابه الاربعاء 5اغسطس ، الذي اعتبر فيه عدم تصويت الكونجرس على الاتفاقية سيسرع في امتلاك ايران للسلاح النووي ، في رد خطابي استخدم فيه الكثير من الجمل و العبارات .. التي كنت اظن انها من اختصاص الرؤساء العرب لا اكبر دولة في العالم .

 

السؤال .. هل تغيرت امريكا ام ايران ؟ هذا ما طرحته على نفسي ، وانا اتابع هذا التسابق الأوربي على طهران ..بدءا بزيارة وزير الاقتصاد الالماني : سيغمار غابريل للتتبعها زيارة لوران فايبوس وزير الخارجية الفرنسي و السيدة : فيديريكا موغيريني وزيرة خارجية الاتحاد الأوربي : واخر هذه الوفود وليس اخرها بكل تأكيد .. الوفد الإيطالي برئاسة وزير الخارجية: باولو جنتيلوني يرافقه وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية فدريكا غويدي للاجتماع مع مسؤولين إيرانيين وبحث سبل تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية.

 

هذا لا يعني ان ايران تغيرت .. فالاتفاقية لا تمنعها عن ان تكون دولة نووية و انما تعطيها فسحة 15سنه هي فترة الالتزام بعدم صناعة القنبلة النووية ، و استعادة علاقاتها القائمة على المصالح المتبادلة مع الغرب الاوربي لإحداث حالة من التنمية تغادر معها ايران حالة الضائقة الاقتصادية، التي عانتها جراء الحصار على مدي سنوات التفاوض ، وهذا يحسب لها بكل تأكيد وليس للرئيس اوباما.. الذي شبه نفسه بالرئيس كنيدي بعد فشل عملية خليج الخنازير لإسقاط نظام فيدل كاستروا 1962فهل هذا نتيجة فشل السياسة الامريكية ام هناك تخوف امريكي نتيجة الاتفاقيات السعودية ـ الروسية ؟

 

□□ المتتبع لرتم العلاقات السعودية الامريكية منذ ان اثارها الامير : تركي الفيصل في ندوة في نيويورك قبل حدود ثلاث سنوات ، يدرك تبرم السعودية بالسياسة الامريكية منذ اعادة انتخاب الرئيس اوباما ، و السعوديون و هم يعرفون دهاليز السياسة الامريكية بكل تأكيد ليسوا بعيدا عن ما يجري داخل الكونجرس ، الذي تعهد بعض زعمائه بعدم تمرير هذه الاتفاقية ، فايران لا تشكل خطرا فقط بامتلاكها للقنبلة النووية، بل في توجهاتها الامبراطورية التي لا تخفيها منذ تسليمها العراق و تمكنها من تحويل حزب الله اللبناني الى دوله داخل الدولة اللبنانية، فضلا عن وقوفها خلف جماعة الحوثي ( انصار الله ) و تحالفها مع الرئيس السابق : علي عبدالله صالح في الانقلاب على الشرعية الدستورية ممثله في الرئيس : هادي و مؤسسات الدولة التشريعية و التنفيذية في 21سبتمبر 2014، الذي استكمل بالإعلان الدستوري في فبراير2015 الذي جاء بعد هزيمتهم لقوى حزب الاصلاح و قوات الفرقة الاولى مدرع التي يقودها الجنرال : علي محسن ، الأمر مكنهم من الاستيلاء على الحديدة و اب بمساعدة القوات المسلحة الموالية للرئيس السابق : علي عبدالله صالح ،الذي رفع جاهزية القوات الموالية له في مختلف المحافظات.

 

كل ذلك جرى في ظل اعتقال رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة ، ورغم ذلك واصل بن عمر دعواته لاستئناف الحوار .. وهذا ما كان ليحدث دون موافقه امريكية و لو بغض الطرف .. التي تمثلت في مغادرة البعثات الدبلوماسية لصنعاء لفتح الباب على مصرعيه لاستكمال الانقلابين مشروعهم وفرض سلطتهم على الدولة و المجتمع وبالتالي التعامل معه كأمر واقع !.

 

كل ذلك ما كان ليحدث لولا وجود اتفاقيات غير معلنه .. لتمكين ايران من تسيد المنطقة العربية ، فهل كان هذا لكون ايران تملك رابع احتياط عالمي في النفط و ثاني احتياط عالمي من الغاز ؟

 

اذا ما صحة تقديرات احتياطيات النفط و الغاز .. فبكل تأكيد روسيا تدرك اسباب ودوافع التسابق الغربي الي طهران ، وان كانت احد مجموعة ال5 1 ، و في نفس الوقت تدرك تخوفات دول الخليج العربية و استشعارها الخطر، في ظل الحرب الساخنة بأدوات محلية و تنظيمات عابره للحدود لا اظن الا ان داعش و القاعدة و انصار الشريعة الا بعض وسائلها و ان صنفت قوي ارهابية ، وهي متماثلة في الفعل و الوسيلة مع انصار الله ( الحوثيين ) الذين ما زالوا خارج التصنيف و لا يندرجون على قائمة الارهاب ، بل احد وسائل محاربة الارهاب في السياسة الأمريكية .. المصنفة لحزب الله اللبناني في قائمته ! .

 

□□□ ايران لم تتغير .. و الغرب كذلك لم يتغير ، لكن العرب في طريقهم للتغيير بجدية سعودية لم تعد قابله بالسياسات الامريكية ، و لا الغربية على وجه العموم ، وتبقى عملية تفعيل الاتفاقيات السعودية الروسية هي الطريق الي اعادة التوازن الي السياسة الامريكية .. على الاقل في حدها الأدني، و في مستوى لا يقل عن السياسة البريطانية المتحفظة تجاه الاندفاعات الاوربية .. فبريطانيا الخبيرة بالمنطقة تدرك ان توازناتها لا تتأتى من خلال تغليب قوة اقليمية على اخرى ، وروسيا الطامحة الي العودة كقوة تدرك ان القوة الإقليمية المؤثرة عربيا و اسلاميا هي السعودية ، فهل نشهد نهوضا عربيا و عودة الي التأثير في العلاقات الدولية ؟

 

في تقديري و وفق قراءتي بكل محدوديتها ،الاجابة : نعم ، و ليس من ردهات الكونجرس الامريكي بل و من بوابة عدن .. حيث بدأت هزيمة الجيب الفارسي في اليمن و حلفائه الانقلابين ، ومن خلال بوابة عدن .. ستبدأ مسيرة استعادة التضامن العربي ، وتكريس دور مجلس التعاون لدول الخليج العربية، كنظام اقليمي عربي لسد الفراغ الذي انتجه النظام العربي المتمثل في الجامعة العربية اولا، و بالتالي تغييره وفق الدور القادم ثانيا ، في الوقت الذي ستعيد السعودية ومن خلال علاقات المصالح الي روسيا دورها في المنطقة .. وهنا التغيير و الأيام كفيلة بتذكير السياسة الامريكية بما تسبب فيه جون فستر دلس.. عندما سحب العرض الامريكي لتمويل السد العالي في منتصف الخمسينات ،الامر الذي دفع بالرئيس : جمال عبدالناصر الي تأميم قناة السويس ، التي يحتفل اليوم بافتتاح مشروع توسعتها الثالثة وهي مملوكة لمصر ، احد اهم الممرات المائية العالمية بين الشرق و الغرب ، والتي لا يوازيها الا باب المندب ، الذي يعد بوابتها الجنوبية ، و التي تعد الهيمنة عليها احد وسائل ايران ، لفرض حضورها على القوى الكبرى وهيمنتها على المنطقة ، هذا الممر المائي يمثل حجر الزاوية في الامن القومي العربي ، دون شك في استراتيجية السعودية ، كما ان مشروعات الطاقة النووية السعودية لا تقل اهمية عن مشروع السد العالي لتوفير الطاقة الكهربائية لمصر .. و القضية مصالح فضلا عن مستقبل امة تتولي السعودية اليوم قيادتها و باقتدار ، في عالم لا يحترم الا الأقوياء وهو ما يدركه أوباما الذي شبه نفسه بالرئيس جون كنيدي .. وهو يغادر البيت الأبيض وفي تقديره انه سيترك اثر تاريخي .. لا اظنه الا عربيا رغم كل ما يحدث في المشهد الإيروايراني وان لم تتغير ايران ولا الغرب ..المهم ان يتغير العرب !؟

 

* كاتب سياسي .. عضو المجلس المحلي لحضرموت