■ هيكل .. يخلط الحقائق بالأمنيات !

2015-08-02 07:14

 

اعرف ان التعرض للكاتب و السياسي الكبير : محمد حسنين هيكل .. يتجنبه الكثير من كبار الكتاب و المفكرين في بلادنا العربية .. لا لإيمانهم بما يقول على بعض الفضائيات ، ومنها الجزيرة التي اقبلت عليه ثم هجرته او هجرها لأسباب ومتغيرات سياسية منذ الاطاحة بالرئيس: مرسي ، لتتولاه  cbcخلال مرحلة التمهيد لوصول الرئيس : السيسي الي رئاسة مصر، بل و لإدراكهم ان الرجل يعيش زمن لم يعد قائما بكل أحداثه و تحدياته في حاضر مختلف في تفاصيله وكثافة تحدياته فضلا عن صناع احداثه وقواه ، وبالتالي لن يجدوا امامهم غير كيل التهم و النعوت التي يجيدها الصنميين من نتاج تلك المراحل التي اورثتنا هذا الحاضر ، الذي يخافوا تغييره كما يخافه الاستاذ هيكل .. فأي تغيير في نظره يفضي الي استعادة القوة العرب و دورهم هو بمثابة ادانه لمرحلة كان هيكل فيها المنظر و المستشار السياسي الذي تتبار الي نشر مقالاته و سلسة كتبه اكثر من إثناعشر صحيفة في العالم .. وليس جريدة السفير اللبنانية ، فكيف بي انا الذي لا اجد غير بعض المواقع الإلكترونية و صفحتي الشخصية لنشر قراءتي و افكاري تجاه ما يحدث في هذه الايام المشحونة بالأحداث المتسارعة و المتغيرات المتوالية ، بل والاخطار البادية في الأفق و على الارض من بيروت الي صنعاء مرورا بدمشق و بغداد و البحرين ، والتي لا تبرر لكبار كتابنا و مفكرينا هذا الصمت تجاه ما يهرف به هذا الهيكل ..

 

رغم مضي ثلاثة عقود او اكثر على ابتعاده عن دهاليز السياسة المصرية ، و ربع قرن على إلغاء عقد تلك المؤسسة الاعلامية اللندنية لاستكتابه لكبريات الصحف ، وهو الأمر الذي لا يتقبله وثنيي السياسة و صنميي الفكر و الثقافة ، ومنهم بعض اولئك الذين جمعتني بهم امسية الثلاثاء 28/7/2015 وبينهم ذلك الذي يستخدم حرف الدال قبل اسمه في كل شاردة واردة ، ورغم هذه الدال اعتبر ما قاله هيكل مسلم به و كلام لا يأتيه الباطل من خلفه أو امامة ، الأمر الذي ادخلني معه في حوار.. حوله الي جدال لعدم قراءته لما كتب هيكل من مقالات فضلا عن مقدمات كتبه ، من خريف الغضب وزيارة للتاريخ ومدافع آيات الله ، الي جانب عام من الازمات ،الامبراطورية الامريكية و الاغارة على العراق ،الزمن الامريكي من نيويورك الي كابل ،الي مقالات يابانية ..فضلا عن كتبه ذات المادة التاريخية مثل :قصة السويس اخر معارك عصر العمالقة ، العروش و الجيوش و غيرها مما لم اقرأ لهيكل .

 

□ قلت آمل من الجميع ان يمنحني فرصة لاستعراض ما كتب هيكل او قال في كتبه السياسية و مقالاته في بعض الصحف عن تحليله لا وضاع العرب و العالم و الأحداث المستقبلية بما في ذلك ما بناه على كتاب بول كندي" صعود وسقوط القوى العظمى " دون الإشارة اليه ويعتبره الدكتور وأمثاله ،من بنات افكاره و قراءته لمسار الاحداث .. فهل يقبل الدكتور تناول نماذج من ذلك لإثراء النقاش .. وحتي لا نخسر الجلسة رغم تكاليفها المادية ، ونخرج منها بفائدة احسب ان مضيفنا هو ما يهدف من استضافتنا هذا المساء !؟.

 

رد الدكتور.. في عجله تفضل وبدرجة متعالية ترتقي الي مستوى درجته العلمية .. هنا سارع الاخوة الي المطالبة بمباشرة الحوار ، فقلت اول الاسئلة ستكون أي كتاب تريدنا نستعرض او المقالات ؟

اسقط في يد صاحبنا وانا استعرض ما قرأت من كتب هيكل ، وما قاله عن بعض الانظمة و توقعاته للاحداث ،واثبتت الايام ثبات هذه الانظمة ، وهشاشة تلك التي ضرب بها الامثلة ، وقلت لو تعمقنا في " خريف غضبه " لوجدنا ان الاحداث التي تلت رحيل انور السادات .. قد اثبتت صحة توجهه لا صحة ما اراد هيكل ان يحصل ، ثم مواقفه من المملكة العربية السعودية وامنياته التي ابداها حيالها و منه ما تناوله قبل عشرين سنه في مقال له ضمنه كتابه مقالات يابانية .. الم تكذبه مسارات البناء و التنمية و ثبات النظام السعودي .. بل ودول الخليج التي لم يرى فيها هيكل غير مجموعة من الكيانات الهشة في كتابه الخليج العربي مكشوف ، والذي حذر فيه من استمرار هشاشته ، في تهويله للقدرات الايرانية ، هذا الاسلوب هو تماما ما يمارسه الأستاذ الكبير و يردده مثلك "د. ن ص " و ما قاله ونشر في صحيفة السفير اللبنانية و في هذا التوقيت عن ايران و اعتبارها دولة تستند الي تاريخ و جغرافيا لا يحيرنا وليس بجديد في قوله: إيران مثل مصر، دولة حقيقية وجدت على أرض محددة عبر التاريخ وبقيت في الموقع نفسه دون تغيير، وتحمل في تكوينها حضارة طويلة وقوة.

وعندما تكون الطريق إلى إيران مفتوحة، فسيدخل فيها الاميركيون إلى آخر مدى. الشيخ راشد بن مكتوم كان شاطراً في هذه المسألة وكان مستعداً أن يضرب من يحاول الاستهانة بإيران. هناك حقائق في الجغرافيا، فالسعودية تهيمن على الخليج وهناك إيران وتأثير الهند وباكستان، ولكن لإيران التأثير الأكبر في المنطقة.(...)وقوله: نقطة ارتكاز. نقاط الارتكاز (pivots) في المنطقة هي تركيا إلى حد ما وإيران إلى حد ما والهند إلى حد ما. أما باكستان فلديها مشاكل كثيرة وخطيرة. أما الدول العربية، فمصر مشغولة ولا يوجد هناك تحالف عربي يمكن ان يحل محلها في الدور الذي يمكن ان تلعبه، والسعودية ودول الخليج تتصرف بطريقة متخلفة.

وإذا عدنا إلى أساس الموضوع فالسعودية في أزمة لا أعرف كيف ستكون نهايتها أو كيف ستتطور وكيف ستؤثر على نظام الحكم فيها. أما البدائل فلا بدائل! ولا أحد عنده سلطة تخوله ان يكون البديل. هناك مشكلة حقيقية وهذا هو ما يبقي السعودية.(...) هذا التسطيح ماذا نسميه ؟ ثم على ماذا بنا هيكل و بهذا الجزم رؤيته للازمة السعودية التي لا يعرف كيف ستنتهي ؟ رد دكتورنا : لا انت تعرف !!؟.

 

□□ قلت انت دكتور.. واظن انه من اللياقة وبحكم موقعك كأستاذ جامعة ان تبرر انحيازك لرأي هيكل وبالتالي ان تشخص الازمة السعودية ،التي لا نعرفها ونحن نعيش علي ارضها و نعرف بقدر نسبي بعض نخبها فضلا عن كوننا عاصرنا انتقال السلطة من اربعة ملوك وبسلاسة اظنها اغاضت هيكل و مثقفي مرحلة يسار الستينات و السبعينات من القرن الماضي .. وفيها واجهت المملكة السعودية تحديات كبيره واكبر واخطر من تحديات هذه المرحلة و منها استقلال دول الخليج و عروبتها ، بعد الانسحاب البريطاني ، الذي اعتبره المتغربين و المتمركسين فراغا استراتيجيا يفتح باب السباق بين روسيا السوفييتية و ايران الامبراطوريةـ البهلوي لملئه .. واذا بالفراغ يملأه اهل الخليج و ينشؤوا مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1982.. فهل نعتبر دول الخليج بما فيها السعودية ليست دول وجدت على ارض محددة ولها تاريخ ، وكأن الجزيرة العربية ليس الارض التي انطلق منها العرب مبشرين و فاتحين واقاموا امبراطورية من اسوار الصين وحتى شواطئ الاطلسي الافريقية .. وهذا جزء من تاريخ ايران كما هو تاريخ مصر، ام ان هيكل الذي يعيش في ماضية و لا يدرك ان السعودية التي قطعت مسافة طويلة على طريق البني العلمية و الاقتصادية و تستقبل سنويا عشرات الألاف من خريجي المعاهد التقنية و الجامعات السعودية و الاجنبية ما زالت نخبها قاصرة .. وتنتظر من هيكل ارشادها .. و هو الذي قال في الثمانينات ان المرحلة سعودية و لكنها غير جاهزة او مستعده لها ؟!.

 

□□□ لذا نتساءل لماذا اليوم يقول ما قاله لجريدة السفير .. بعد ان ملأت السعودية المسبح الفارغ .. بحسب تشبيهه الاوضاع العربية بالمسبح الفارغ على قناة الجزيرة قبل اربع او خمس سنوات .

 

هيكل الاستاذ الكبير و المثقف السياسي .. بحسب وصف طلال سلمان محرر جريدة السفير ، ليس سوى دور من الماضي غير صالح لحاضر تتولى فيه السعودية وبحسم مواجهة مطامح ملالي ايران الفارسية في جزيرة العرب .. وهي لا تحارب اليمن و لا تسقط في مستنقعه كما يزعم الاستاذ : الذي قال وقع فيه عبدالناصر بقوله: عندما تدخّل عبد الناصر هناك كان يساعد حركة تحرر فيها وليس لديه حدود ملاصقة لها، أما السعوديون فلديهم باستمرار مطالب من اليمن ولقد استولوا على محافظتين فيها. اليمن مرهق وسترهق السعودية حتماً في دخولها في حرب مع اليمن ولكنها حذرة جداً…  كلام عجيب فيه من الاستخفاف بالعقول بقدر ما فيه استخفاف بالأمن القومي للسعودية و اليمن معا فضلا عن الجغرافيا و التاريخ و المجتمع !.

 

عبدالناصر تدخل لمساعدة حركة تحرر.. نقبل منه ذلك في اطار سياقه التاريخي والصراع الدولي في تلك المرحلة ، التي لو استعرضناها لاضطررنا لاستعراض ما كتبه المؤرخ المصري الكبير : عبدالعظيم رمضان و المؤرخ اللواء: جمال حماد وغيرهم .. بل وبعض ما كتبه هيكل نفسه .

 

□□□□ انا هنا لست في موقف الدفاع عن السعودية و لا مجلس التعاون لدول الخليج العربية ، هذه المنظومة الاقليمية ـ العربية ،التي شكلت حالة فعل ايجابي في ظل تراجع النظام العربي المتمثل في الجامعة العربية ، وشكلت بزعامة السعودية وقفة جادة لتصليب النظام العربي في مؤتمر شرم الشيخ الأخير.. فضلا عن تدخلها الي جانب الشعب اليمني لاقاف تدخل و هيمنة ايران القوة الاقليمية التي يجدها هيكل دولة حقيقية الي جانب مصر اما الأخرين ففسيفساء بين اوطان حقيقية .ولا يجد لتحرك السعودية مبرر، رغم قوله وفي ذات الحديث .. قد دخل العالم العربي كله في فراغ.

 

هناك فكرة انهارت وهناك قوى إقليمية ظهرت، لم تظهر لدينا قوة بديلة او فكرة بديل (...) هذا الكلام التقريري الا يجد هيكل ضرورة للخروج منه ؟. ثم اليس في استعادة السعودية دورها القيادي ما يمكن ان يعيد التوازن للعرب و يجعل من المملكة قوة اقليمية ومن اليمن قوة جغرافية و اجتماعية .. تملا الفراغ حتى لا يظل العالم العربي تائها وخارج الفعل ؟على حد قوله ، ام ان هيكل ما زال يجتر ماضيه مع كل ترسباته .. ولا يجد من يملا الفراغ غير ايران الفارسية ، اذا كان لا يوجد غير السعودية و دول الخليج ؟!

 

□□□□□ هذا الهيكل .. لا نملك الا ان قول له هناك امل كبير في استعادة الامة لدورها من خلال الجزيرة العربية و بقيادة السعودية و عودة مصر الي دورها من خلال قادة لا يجدوا فيك ما يجده محرر السفير: طلال سلمان .. ولا بقايا الصنمين الذين لم يدركوا ان الشعوب قد تجاوزت وثنيات السياسة ويستطيعوا التفريق بين الحقائق و الامنيات !!.

 

■ مع الشكر لشركاء تلك الامسية .. ومعذرة لسعاة الدكتور ومن تبهرهم هالة هيكل وتغنيهم عن قراءة ما يكتب ؟.

 

*عضو مجلس جضرموت المحلي .