عبر التاريخ تعلمنا في الوطن وقرأنا في أنه وعند الاختلاف لا يمكن للخصميين من أن يتفقا حتى لو أن أحد الخصمين اقترح حلاً توافقياً ومعقولاً وتنازل بصدق واقتناع عن بعض استحقاقاته فقد كان الرفض هو الجواب
لذا تشكلت في الوطن مرجعيات ومنهم مشايخ واعيان وعُقّال ووجهاء وحكماء وكانوا يتوسطون بحيادية يحلون ويقنعون أعقد الخلافات واضراها ، وليس هولاء بيدهم قوه ولا نفوذ ولا مال ولا سلاح وجيش ولكنهم كمحايدين يستنجدون بحكمتهم وخبراتهم و يساهمون في الاقناع ويسترشدون بكل قواهم الحكمية
وتجد للدهشة وللعجب عند الطرفين حالة من القبول او الاذعان والسبب ؟ هو ان الخصم لم يفرض حكمه ، حتى وان جاء الحكم من قبل احد الخصمين مناسباً وعقلانياً ! انها النفس البشرية وتراكمات طَبعِية وطبائِعية ترسَّخت عبر تاريخ طويل وهو في ان لا ترضى بما وضعه خصمك وحتى لا تقول الناس لقد غبنت لأنك سلمت بحكم غريمك .
لماذا يقبل الخصم بالتحكيم حتى وان جاء احيانا لغير صالحة؟ سؤال مهم !!وهنا اقول انه في هذا الحال ينتفي الشعور بالهوان والظلم ويصبح الشخص غير ملام بقبول الحكم فيقول( حكّمنا فقبلنا) ولو كان قد قبله وعلى مضض .
عودوا الى التاريخ البشري ستجدون حالات كثيرة كهذه ، قبل بها الخصوم الحكم ، وكان ذلك الحكم قد اقترحه الخصم بل كان خيرا لخصمه الآخر وأميز .
ولهذا فلقد كانوا يبحثون عن طرف ثالث ومحايد ، بل منهم من استدعي اجنبي ليحكم بينهم او يحكم ويتحكم في شؤون وطنه و بلاده .سلمه مقاليد الحكم طائعا راضيا و سواء ذلك في اليمن او في المغرب بل ومصر وسوريا والعراق، بل وفي في دول اخرى كثيرة في أنحاء العالم
اليوم نسال آما آن لفرقاء الوطن ان يحتكموا، فلا تاخذهم العزَّة بالإثم. ونقول لهم بالصوت العالي ، كفوا عن الذنوب والأنفعالات والصُرعة فليس الشديد بالصرعة. تختلفون ايها القادة والزعماء وتختصمون ولا يصيبكم من هذا الاختلافات إلاّ التوتر والقلق -الترفي - فانتم خلف قلاع وحصون مُشَّيدة بينما نحن الموت يحصدنا ويطحننا طحن الرحا بثفالها
يا اصحاب الحل والربط ،ويا ايها المختلفون كفوا عن هذا الشطط . نصف قرن من الصراعات والموت والقتل والعذابات والتشريد . احتكموا لطرف ثالث اسعفونا وارحمونا طالت ليالنا الأليمة الكالحة فهل لليلنا من آخر
ونسال؟ ومن الطرف المؤهل للاحتكام؟ وبيده مقاليد المساهمة في إحلال الامن والدعم السياسي والمعنوي ؟. لاشك إنها المملكة العربية السعودية ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حفظه الله وأطال بعمره .فالمملكة من من يهمها أمننا وامرنا وحالنا
فكروا بالوطن فنحن اليوم نرضى من الغنيمة بالإياب . ولا تحرقوا الارض ولا تقتلوا النفس ولا تجوروا ولا تجهلوا فنجها فوق جهل الجاهلين بل ولا تروعّوا الأمنين فالرسول صلى الله عليه وسلم
يقول- والله لو هٌدتْ الكعبة حجرا عن حجر لكان عند ربك أهون من ترويع مؤمن
لقد اعلنت المملكة العربية السعودية عن ترحيبها في ان تستقبل الوفود تحت سقف مقر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في الرياض، وهي فرصة مواتية كما عبر عنها الكثيرون من الساسة ، هي فرصة أتت في ظرف صعب ودقيق ، فليستمع أنصار الله الى صوت الممكلة بل نُصحها وارشادها . وليس للوطن غير ان يسمع ويستمع الى الصوت الحيادي والصادق لحل خلافاته التي باتت اليوم تكشف عن وجهها المخيف ! ليجرب الوطن وصفة أجداده في اللجوء الى التحكيم والى الى تاريخه وعسى ان تنجده اليوم حكمته وخبرته ورشده