قصة حقيقية : حكايتي مع التيس

2015-01-31 12:06
قصة حقيقية : حكايتي مع التيس
شبوه برس - خاص - دبي

 

قصة حقيقية :

كانت لنا زريبة اغنام بجانب منزلنا في البريقا وكعادة كل البيوت التي اصحابها من ابناء البدو وانا منهم وكان الاهتمام بها من ابي لا يقل عن الاهتمام بِنَا من حبه لها ، ولد لنا تيس جميل تربى معنا وكان يرتع ويلعب بين أحضاني حتى انه كان يتبعني أينما توجهت ، كبر التيس الأليف الأنيق الهادىء وكبر حبه بقلبي حتى جاء ذلك اليوم الذي سمعت ابي يقول انه سيضحي به ، جن جنوني وترجيت ابي ان لا يفعل مع علمه بعلاقتي به قال لا نملك خيارات اخرى فقلت لأَمي أرجوك تدخلي ولا تذبحوه ، لم يكن لها من الامر شي ، لم أنم ليلة ذلك العيد الأسود ، أمضيت معظمه بجانب صديقي المغدور بِه حاولت ان اشرح له ان الامر ليس بيدي وإنني مازلت طفلا لا أستطيع حمايته من جبروت وقرار ابي ، لم استطع ان انظر الى عينيه التي كانت تقول لي انني احبك يا صديقي ، طلع صباح العيد وبدات تكبيرات المسجد ،

وكلما قرب موعد انتهاء الصلاة ازداد خفقان قلبي ، عاد ابي من الصلاة وإذا به ينادي اخوتي ان يأتوا لمساعدته ، ذهبوا لاحظار التيس وكان فرحا كعادته كل يوم ارتفع صوته كأنه يناديني احتجبت بعيد لم أقوى على رؤيته شعرت انني خنته وتخليت عنه صوته كان كالرصاص في أذني ، كنت ابكي بحرقة ، أمي تقول لي هذا امر الله ولابد ان نضحي بِه وسوف نشتري لك غيره او تلد أمه تيسا اخر ..

ذهبت لابي أترجاه ان يشتري غيره وقلت له انت معك مال واترك هذا المسكين ، لم يعرني اهتمام

وعندما شاهد عيناي وقد آحمرت من البكاء أعطاني مبلغا للعيد لكي أسكت وهو لا يعلم ان ما بيني وبين هذا التيس اكثر من المال

ردد ابي تكبيراته وهو يمسح على ظهر المغدور به وكانوا اخوتي يرددون معه ، ذهبت غرفتي ابكي بكاء مريرا ثم سمعت تكبيرة الذبح الأخيرة التي قضت على من عشت معه اجمل الايام ، أضربت عن الطعام طيلة ايام العيد لكن لأفائدة سارت الامور وكأن شيأ لم يكن ..

ولدي نواف اليوم كان معي صباحا في زريبة الأغنام ، غفلت عنه لحظات فوجدته قد دخل احدى الزرايب يلعب مع الأغنام وعندما حاولت إخراجه رفض بشدة فخشيت ان تمر عليه تلك التجربة وذلك الالم الذي شعرت به وانا في طفولتي

أعاد لي ابني تلك القصة المؤلمة التي لم ولن أنساها ما حييت

ثم تذكرت كيف بمن يسلم وطن وانسان وهوية ويراى ألذبح أمامه

كيف يمكن له ان يعيش هانئ سعيد بعد ذلك ... !!!

هولاء لا يملكون قلوب بشر بل حجر

 

* بقلم : عادل اليافعي

 اعلامي جنوبي في قناة "العربية" - دبي