ما حدث يوم أمس في عدن ليس اغتيالاً لشهيد الثورة السلمية الجنوبية التحرير المهندس خالد الجنيدي، ولكنه واقعة إعدام سياسي لا تكفي إدانتها واستنكارها، أو إهالة صفات الشهالة والبطولة على هذا الشاب الذي سيكتشف الجنوبيون الآن، بعد استشهاده أنه خسارة كبيرة، باعتباره سياسياً ذا كفاءة ميدانية، بررت استهدافه من قبل الاحتلال بعد أسابيع من خروجه من المعتقل.
الاغتيال عادةً يحدث برصاص مجهول، قد لا يتم التعرف على مطلقيه، أما ما حدث اليوم، وقبله طبعاً، فهو واقعة إعدام في شارع عام نفذها جند الاحتلال، ومعلوم أن منفذ الإعدام عادةً لا يكون مطلوباً جنائياً ولا يلاحق قضائياً.
وهكذا هم جنود الاحتلال وضباطه، منذ 1994م، وهم ينفذون أحكام الإعدام بدم بارد، تحت غطاء شرعية لا وجود لها لوحدة ميتة، وفتوى دينية استباحت النفس والعرض والأرض، ولذلك فهم يطلقون النار، وهم في مأمن من أي ملاحقة او مساءلة. بل إن الجندي الذي نفذ الإعدام اليوم، وأردى المهندس خالد الجنيدي برصاصة في القلب، ربما يكون كما قال لزرق في منشور له على صفحته بالفيسبوك: "يتجول الآن على ساحل أبين وربما في العروسة بعد أن تناول وجبة الغداء "مندي" وزاد عليها تحلاية "حلوى" ، وغداً سيعطى إجازة؛ لكي يقضي شهراً بين أحضان زوجته" .
ما حدث إعدام سياسي، وليس اغتيالاً، وإن لم يكن للثورة التحررية وسائل للدفاع عن سلميتها، فإن وقائع الإعدام والاغتيال ستزداد وتيرتها، ووسائل الدفاع ليس بالضرورة أن تكون مسلحة، فهناك وسائل سياسية وقانونية ينبغي تفعيلها، وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة وتحميل المسؤولية لقوات الاحتلال. ولعل من أقوى تلك الوسائل للدفاع عن سلمية الثورة التحررية الجنوبية، وضمان تحقيق أهدافها أن تتوافق قواها الفاعلة، إكراماً للشهداء والوطن السليب، للانتقال إلى مرحلة لعب الدور السياسي وفق مرجعية قيادية ورؤيوية، تحظى باحترام لدى الشعب والإقليم والعالم، بكفاءتها السياسية، ووضوح رؤيتها التي لا تساوم على الاستقلال ولا تهادن، وإنما تضع الخطوات الاستراتيجية والتكتيكية، وفق آليات سياسية وقانونية، لاستقلال الوطن واستعادة سيادته.
رحم الله الشهيد خالد الجنيدي، ولا نامت أعين القتلة.