حينما وجد حزب الاصلاح نفسه وحيداً في الساحة السياسية بعد 21 سبتمبر الماضي خاصة عندما اُقتصت اجنحته العسكرية والتقليدية والدينية وشعر ان شركائه السياسيين التقدميين واليسارين بدأوا يتخلون عنه سعى للبحث عن ملاذاً قوياً لتأمين وضعه السياسي من خصومه اذ اعلن انضمامه للحراك الجنوبي وايد مطلبه بتقرير مصير الجنوب اليمني في بيان صادر عن الأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح وذلك بغية الوصول الى نتيجة هي تعرية خصومه ممثلاً بأنصار الله والمتحالفين معهم انهم بسيطرتهم على معظم محافظات الشمال سوف يجعل ابناء الجنوب يسارعون بتقرير مصيرهم وفك الارتباط نتيجة لما يحدثوه انصار الله في الشمال ولعل هذا ما سعت الى تكريسه وسائل الاعلام التابعة للإصلاح من خلال تناولها الاخبارية.
لم نكن نتوقع ان يهرول "الاصلاح" الى هذا المنزلق الخطير كحزب سياسي كبير تمنعه مبادئه ان يتنصل عن الثوابت الوطنية لمجر اصطدامه بالواقع الذي مر فيه الاشهر الماضية برغم انه سجل موقفاً وطنياً يُحسب له في عدم المواجهة مع انصارالله في العاصمة صنعاء حفاظاً على الوطن وتجنيبه حرب طائفية ومذهبية كانت ستأكل الاخضر واليابس.
فمن خلال بيان حزب الاصلاح المؤيد لأبناء الجنوب بتقرير مصيرهم صار فصيلاً جديداً منظماً الى قائمة فصائل الحراك الجنوبي بقاعدته الشعبية في الشارع الجنوبي وكوادره السياسية والاجتماعية والثقافية والاعلامية وكذا البرلمانية حيث وجد ضالته في استغلال القضية الجنوبية والضغط على خصومه في مسألة الوحدة اليمنية وتهديدهم بمصيرها الذي قد يكون اخره على ايديهم وبالتالي تتحمل صنعاء نتيجة ما قد يحدث للوحدة.
لا يزال "الاصلاح" حتى اللحظة ينتقد تحالف المؤتمر الشعبي العام مع انصار الله" الحوثيين" كون الاخير يحمل اجندة رجعية يريد ان يعيد البلاد الى ما قبل 52 سنة برغم تحالفه مع الحوثيين عام 2011م وما قبله.. وبالتالي فان الاصلاح اليوم -ايضاً- يتحالف مع من يريدون ان يعيدوا الوطن الى ما قبل الوحدة اليمنية 1990م.
فما يجري الآن على والواقع السياسي من تناقضات تربك القارئ والمحلل للمشهد اليمني في اي زاوية يمكن ان يضعه اذ ان عدو الامس اصبح حليف اليوم.!
وبالتالي لا اعتقد ان فكرة نصب الخيام في ساحة العروض في محافظة عدن جاءت من فصائل الحراك الجنوبي أكان فصيل "البيض" او "باعوم" او "النوبة" او "مكاوي" او "احمد علي احمد" وكذلك انذار الشماليين بالرحيل من عدن في الـ30 من نوفمبر المقبل خاصة في هذا التوقيت لأنه منذ ان تأسس الحراك الجنوبي بكل فصائله لم يفكر البته التخييم في اي ساحة الا الآن.. فالحراك الجنوبي يعبر عادة عن مطالبه بالاحتجاجات والمسيرات والشعارات التي يرددها في شوارع المحافظات الجنوبية فقط لا غير.
اليوم هناك دول اقليمية تلقفت فكرة "الاصلاح" وهي بصدد بلورتها ورسم سياساتها القادمة من اجل الدفع بانفصال الشمال عن الجنوب والدق على هذا الوتر عناداً ومكابرة لقوى صنعاء التي انقلبت عليها واستغنت عنها مؤخراً فقد بدأت تصعد المسألة اعلامياً وتمهد الطريق نحو يمن جنوبي جديد يكون تحت رعايتها بديلاً عن اليمن برمتها.
فبرغم ان كل القوى متفقة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية لكنها لا تبالي بما تتفق وتلتزم فهي ترى ان ما توقع عليه ليس الا ضمان لمشاركتها في السلطة ولا علاقة له فيما تفعله في الشارع اليمني.!
لا ندري لماذا تحالفات القوى السياسية تمضي دائماً في مسارات لا تخدم الوطن والمواطن معاً فلوا سخرت تلك القوى تحالفاتها لمصلحة اليمن لما وصل حالنا الى ما نحن عليه الآن.!!
* كاتب يمني - موقع التغيير