في بلاد المجد والعز والحضارة
موكب التحرير أطلقنا قطاره
وأعلن الشعب الأبي قرب انتصاره
واعتلت راياتنا في كل وادي
في دروب النصر سيري يا بلادي
تلك كانت مقدمة القصيدة الشعرية التي انطلقت بها قريحة الشاعر الحضرمي عبدالله مبارك الجعيدي بمناسبة مليونية الحسم في ذكرى ثورة الرابع عشر من أكتوبر.
فمنذ سنوات طويلة كنا فقدنا مذاق الاحتفال بك يا عيد ثورتنا، منذ سنوات ونحن نتغنى بك وبعظمتك، لكن أغانينا حزينة لأننا كنا نبحث عن عيد ثورة تخلصنا من النفق المظلم الذي ألقينا فيه، كنا نردد كلمات أغانينا الثورية وفي أعماق كل شخص منا ثائر يبحث عن الحرية التي سلبها من قدمنا له دولتنا لنتعايش سويا، فأبى إلا أن يجعل منا تابعين خاضعين ويصفنا بالجزء ويسمي نفسه الكل، يصفنا بالفرع وهو الأصل.
جاءت مناسبة العيد الأكتوبري لتجمع أحرار الجنوب في صعيد واحد ولتلتقي قلوبهم جميعا حول دولتهم المنشودة بعيدا عن المناطقية والحزبية والقبلية الضيقة.
كم كان مشهدا مهيبا ونحن نرى أهل الجنوب يتوافدون من كل محافظة ليؤكدوا للعالم أنهم على قلب رجل واحد يبحثون عن دولتهم كلهم بدون استثناء يتجهون لهدف واحد وهو تحرير الجنوب وإقامة دولة الجنوب، دون وصاية من أحد وبلا شروط تملى من أية جهة كانت، كل من جاء وشارك في مليونية الثورة لم يدفعه إلا حلمه في وطن يحترم إنسانيته، وطن لا يخاف فيه على أبنائه ومستقبلهم، وطن يستحق أن نموت لأجله.
كم نتمنى من كل زعماء ووجهاء وقيادات الجنوب السياسية والفكرية والاجتماعية والقبلية أن يحترموا ويقدروا هذا الشعب العظيم الذي كتب عليه أن يضحي بكل شيء فقط ليحصل على وطن يقدر إنسانيته، وأن تجتمع كل القوى وتتوحد الصفوف تحت راية الوطن لا سواه لنغلق صفحات الماضي المليئة بالإقصاء والتهميش.
وإننا إن لم نقتنص الفرصة التاريخية التي ساقتها الأقدار الآن لنحقق استقلال الجنوب ونبنيه لينعم كل أبنائه بخيراته، ولتعم ثروته على كل مواطن، فلن نحصل عليها غدا.
اللحظة التاريخية تفرض علينا أن نرتقي فوق مصالحنا الشخصية وفوق توجهاتنا وأيدلوجياتنا أيٍّا كانت، لنترك لبعضنا الحرية في الانتماء والتفكير والتعبير، فقد أثبت الواقع أن الشعوب تغيرت وأصبح زمان التضييق والتخويف من مقررات التاريخ الغابر، إننا بحاجة ماسة ـ وقد بدأ العالم يسمع لنا وأصبح صناع القرار يقرون أن لنا قضية يجب أخذها بعين الاعتبار والتعاطي معها كحدث مهم يجب احترامه و التفاعل معه ـ أن نوحد صفنا الداخلي ونتحدث بلغة واحدة وصيغة تجمع الكل بعيدا عن التصنيفات والاستحواذ ومحاولات الإقصاء والإساءة للآخر، ولنضع نصب أعيننا أن الجنوب يتسع للجميع.
الخطوة الثانية: يجب اتخاذ خطوات فعلية في سبيل الاستقلال من خلال تشكيل مجلس قيادة يضم في أطيافه كافة المكونات بعيدا عن الحساسيات والخلافات، فالاختلاف ومحاولات الاستحواذ وتغليب النفس على الوطن لا يأتي بخير.. لنعمل جميعا لنهضة الجنوب وتحسين وضع المواطن، فقد عانى المواطن في الجنوب بما فيه الكفاية وآن له أن ينعم بالديمقراطية والحرية والعدالة وأن يجني ولو الشيء البسيط من خيرات بلاده.
فهل سنكون على قدر المسؤولية ونغتنم هذه الفرصة التاريخية التي ساقتها الأقدار إلينا؟.
* عن الأيام