هلّ هلال العيد وحسناوات حلب ودمشق وحمص يستوحين قول المتنبي: “بم التعلل لا أهل ولا وطن”، وقد حل العبوس والسواد وجوههن محل النضارة والجمال، وتقطعت بهن السبل في القفار والصحاري.
هلّ هلال العيد وأحفاد بني العباس في مواجهات وحشود وتأهب دائم لقتالٍ طال أمده ولن ينتهي على المدى القريب.
هلّ هلال العيد وغزة في ظلام وحصار وتجويع وحكام العرب وعبيد القصور يسبحون بحمد (أوباما) ورضا (النتن ياهو).. هل هلال العيد وأحفاد عمر المختار في ليبيا يخوضون حربًا ضروسا على بعضهم بعضا، ويتمنى بعضهم لو أن عهد ذلك (المجنون) لم يذهب، ولم يثوروا..
هلَّ هلال العيد وصنعاء قد تحولت إلى ثكنة عسكرية ومشاهد تثير الرعب وتنذر بسيل قد لا ينقطع من الدماء، وألسنة من اللهب ستأكل الأخضر واليابس، وستأتي على كل مصالح الحياة.
هلّ هلال العيد وسينحر من ستسمح له الظروف أن ينحر أضحيته - إن توفرت ـ سواء في إقامته أو إلى حيث نزح إن لم يُنْحر قبل أن ينحر.
هلّ هلال العيد وقد توسع فقه النحر والذبح عند العرب وتجاوز خرافهم وأنعامهم، فصاروا يذبحون بعضهم بعضا مع فارق أن الأنعام والخراف تذبح وتنحر باسم الله وباتجاه القبلة، أما ذبح البشر (فذبح أبتر) وبلا قبلة مع إحراق الجثث والتمثيل بها أحياناً.
هلَّ هلال العيد وقد مضى على دعوة الإسلام أكثر من 1400 سنة ومازال العرب يتغنون بأيام (داحس والغبراء) و(حرب البسوس).
هلَّ هلال العيد و(أبي) يترصد لعمي، وابن عمي يتربص بي.. فماذا جنت الأجيال؟ وأي فأل شؤم كتب علينا؟!!.
هلَّ هلال العيد وقد انقضى على ضياع وطن اسمه (الجنوب العربي) 24 عاما، كنا قبله نبتهج ونسرح ونمرح، فصرنا نتكفف قيمة شاة هزيلة وأردية متهتكة.. ويمر علينا العيد تلو العيد ونحن فرائس لبعوض القمامات وبحيرات المجاري.. فمتى تعود يا وطني البعيد؟!.
رباه، لولا أن العيد عبادة نتقرب بها إليك لما احتفلنا ولما نطقنا كلمة عيد.. اللهم فاجبر كسرنا وابعث لهذه الأمة المكلومة من يداوي جراحها ويلم شملها.
هلَّ هلال العيد ونفوسنا مترعة بالأسى وقلوبنا ومهجنا الضامئة تحلم بكسرة خبزٍ جافة وشربة ماءٍ نقية وبوطنٍ فقدناه قبل أن نجده.
أيها المتناحرون.. يا هواة الذبح والنحر الجديد لن يأتي دين بعد الإسلام ولن يبعث نبي بعد محمد صلى الله عليه وسلم، فما الذي تتناحرون من أجله؟ .. آه .. آه يا أمة ضحكت من جهلها الأمم، وعيدكم سعيد!.
* الأيام