كنت أستمع لحوار عبر قناة تلفزيونية لكل من ممثل الحوثي والآخر ممثل اللجنة المنظمة للاصطفاف الوطني، وطبعاً كل منهما يتمترس خلف الجماهير المحتشدة في شوارع صنعاء، وكل منهما على ثقة بأنه يمثل حشدا من البشر يطالبون بتلك المطالب التي يتفقون حولها، فممثل الحوثي يطالب بإقالة الحكومة الفاسدة ورفع الجرعة وتنفيذ مخرجات الحوار، ومثله ممثل الاصطفاف يكرر ما يطالب به ممثل الحوثي. طيب فين المشكلة؟ّ، وكأني بهم في هذه القصة يتبارون في ماراثون كسب ود وعطف ومؤازرة المواطنين لهم، يعني أن القضية ـ يا سادة يا كرام ـ لاتعدو عن كونها سباقا يجتهد كل متسابق فيه للوصول إلى خط النهاية، وهو خط كسب الجماهير للتصفية النهائية في الأدوار القادمة.
لم تفت مني تلك اللحظات التي كنت أشاهد فيها ممثل الحوثي وهو يبتسم ابتسامة في ظاهرها الموافقة على ما يقوله الطرف الآخر، غير أن الحقيقة تظهر بوضوح في تلك اللحظات التي يرد فيها على ما قاله الطرف الآخر ليظهر عدم رضاه، بل وتناقضه المتناهي عما سمعه من الطرف الثاني.. ومثل ذلك يمارس ممثل الطرف الثاني نفس ما يقوم به الطرف الأول.. إذاً طالما وفي النفوس ما فيها فلماذا لا يصْدقون القول ليكون المواطن البسيط على علم ودراية بما يدور حوله؟!.. وكل من شاهد هذا اللقاء سيقف على حقيقة الصراع الدائر حول التمسك بالشارع والجماهير فيه!! والمسألة لا تعدو كونها ضحكا على الذقون.
لاحظت أن ممثل الاصطفاف قد فجر قنبلة صوتية توحي بأن ما يدور وراء ستار المسرح لايراه المشاهد أو المواطن، بل هو ـ فقط ـ رجم بالعتل، و(العتل هي كتل من الطين)!! فعندما قال ممثل (الحوثي) إن عمران سلمت بكل شيء ولم تتعرض منشآتها ومؤسساتها و.. و.. لأي تعطيل من قبل الحوثي، وتم تسليم كل ذلك للسلطة، تفاجأت عندما رد ممثل الاصطفاف على ذلك بالقول “لكن المسئول (الحوثي) قال للمحافظ: عليك أن تتسلم الأوامر والتعليمات مني، ولا تتسلمها من وزير الدفاع ولا حتى رئيس الجمهورية”.. عند هذه النقطة تجمد الدم في عروقي منتظرا لما سيرد عليه ممثل الحوثي، حيث قال: “أنتم ترددون رئيس الجمهورية.. رئيس الجمهورية، نحن لدينا مطالب شعب”.. إلخ.
بعد هذا راجعت شيئا من الحوار في بداياته.. عندما سأل ممثل الاصطفاف: هل أنتم مقرون بأن هناك رئيس جمهورية، عليه تقع المسئوليات في الحل وتجنيب البلد ويلات ما يحدث من تصعيد.. حاولت البحث جاهدا في الرد على هذا السؤال؟، لكن لشحنة ما كان يدور من رجم وقذف بصواعق من الكلام، سألت نفسي: إذاً لماذا هذا الاحتراب، خاصة وأن المذيع الذي كان يدير الحوار قال “لماذا لاتلتقون وتتفقون على ما أشرتم إليه من توافق في حديثكما؟”، فلم يجد المذيع أو المحاور الرد المقنع، وخفت خوفا شديدا عندما انبرى الحوثي في ذلك اللقاء بتقديم وجبة دسمة مما يحدث خلف ستار المسرح، بأن هناك (دواعش) في العملية التصعيدية المقابلة لتصعيدهم”.. وكان المحاور صريحا عندما سأل “هل لديكم ما يثبت ذلك؟”، فأكد الحوثي ذلك، وقال لقد نشرنا ذلك (لا أدري ما اسم الصحيفة التي قال إنهم نشروا تلك الحقائق فيها.. ولم أسمع بها من قبل).. ما علينا، لكن سنكون في الغباء إن لم نقر بأن هناك من يجد في هذه المسرحية التي تعكس مأساة شعب من (يحاري.. ويمسك الفتيل.. ويرمى هنا وهناك بحبال الفتن)، بل وهناك من يقف كمرتزق يجمهر نهارا ويعادي الجمهورية ليلاً.
والشكوى لله لا لغيره، طالما والجنان هو العملة الرائجة في مجتمع لم يعد يعرف من أين هو.. وما هي هويته.. لا عافاهم الله!.
برضه.. كلمتين (ثنتين)
للحوثي.. لكي أصدق أن الأخ الحوثي شاهر سيفه على الفساد.. فهناك وكر للفساد هو الأقرب إلى أرضيته.. ذلك الوكر البارز والواضح للناس هو انقطاع الكهرباء بفعل فاعل.. هناك من دأب على قطع كابلات الكهرباء.. فلماذا لا تلتفت إلى هذا الوكر ياسيد/ حوثي؟، أم أنه وكر صعيب عليك!.. أضحكني موقف الحكومة ممثلة بوزارة الداخلية عندما قالت إن أسماء الذين يعبثون بأسلاك الكهرباء وكابلاته معروفة.. فوزارة داخلية الفساد منتظرة لتسلم صور هؤلاء العابثين!.. إن ذلك هو المثل الشائع (شر البلية ما يضحك).. قليل على الحوثي.. وكثير على الحكومة الفاسدة في قضية الكهرباء.. والسلام!!.
* الأيام