قبل ستة أشهر .. استلمت مكالمة من رقم لم يكن مسجل علي هاتفي الموبايل ، لم اعرف الصوت في البداية ،الأمر الذي فتح المجال إمام الأستاذ : عبدالله او أبو محمد ..الي القول يبدو انك نسيت أصحابك يا ..... عبدالله !! ورغم انك كنت قريبا منا لم تسأل إلا على حيدر .. هل نسيت أن أخوالي حضارمة ؟!
رغم نغمة الصوت و قربه من الذاكرة لم أتذكرة بالسرعة المطلوبة ، فقد مضت ست سنوات او أكثر لم التقي بالأستاذ :عبدالله الأصنج خلالها لا لاختلاف معه، فهو رجل نادر من رجال السياسة .. لا تملك إلا أن تحترمه ، وأن اختلفت معه يرحمه الله .
□ بعد أخذ ورد في الحديث قلت :أهلا استأذنا أبو محمد .. أطلق ضحكة محتشمة وقال: كيف أم عمر و صحتها و علاجها وفي أي مستشفي تعالج ؟ الي أخر حديثه الذي ابلغني خلاله انه علم بوجودي في "جدة "من صديق مشترك و هو الذي أبلغة مرض الزوجة و أن قدومي الي جدة من الرياض ، لا المكلا .. وتابع بقولة: أن كنت ما زلت هنا في جدة ـ أريد أن أشوفك فأبلغته إنني قد غادرت الي الرياض لمتابعة علاجها وحملت صديقنا المشترك تقصيري في عدم معرفتي بمرضه وواجب زيارته .. مع وعد بزيارته أن أتيحت الفرصة ، فحيوية الرجل وهو يتحدث لم تمكنني من تذكر قوله تعالي : قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة.. حتى بعد مرضه ربما لحيوية هذا السياسي الذي لا يقطع صلته بخصومة و لا يتيح فرصة لأصدقائه بمجافاته .. لم تكن تلك أخر مكالمة هاتفية معه ، بل اتصلت من جانبي به قبل نقله الي المستشفي و سفره الى لندن .. ولم اشعر وأنا أتحدث إليه انه في محطة الانتقال من هذه الحياة التي عصرته و عاصرها بصلابة رغم مجموعة الأمراض التي رافقت قلبه حتى توقف عن الخفقان .
□□ التقيت الأستاذ : عبدالله الأصنج .. لأول مرة عام 1988 و كان في زيارة للرياض ـ لإجراء فحوص طبية و تكررت اللقاءات به في مناسبات أخري و من أهمها لقاء في ظل الأزمة العراقية ـ الكويتية بعد قمة بغداد .. حيث قدم تحليلا للازمة أكد فيه على أن هذه الأزمة لن تمر على خير و أنها ستدفع بالمنطقة الي حرب لن تتوقف عند حدود الكويت .. مستندا على ما حصل في مؤتمر بغداد ، وفي ذلك اللقاء تناول الوحدة اليمنية بتشاؤم لم نرحب به يومها خصوصا وقد صورها بقولة : عريان مع بردان سيتجاذبان اللحاف حتى يمزقانه .. هذه الصورة.. انطبعت في ذهني و ذكرته بها في أول اتصال منه بي .. عندما سألني عن إخبار المكلا وحضرموت .. فقال هو اللحاف الذي يتصارعون عليه ؟!
□□□ رحل عبدالله الاصنج .. و اللحاف اليمني ممزق كما توقع ذلك عام 1990و المنطقة برمتها تعيش تبعات تلك الحرب التي دفعت بها الي حالة من الصراعات البينية و الداخلية الخطيرة .. و السؤال هل ما زال في اللحاف اليمني قطعة يمكن أن يتدفآ بها بردان او تستر عريان ؟!
□□□□ رحل الرجل الذي عاش و الجميع مختلف فيه .. وان اتفقوا عليه .. ذهنية سياسية متوقدة وقارئة للإحداث كمؤسسة في رجل شغل الجميع وان لم تشغلهم تحليلاته .. يرحمه الله .