90 عاماً من السمعة الطيبة والذكر الحسن ..
عقلية التاجر ..وتواضع الحكيم .. وبساطة الفقير
أكثر من 30 عاماً في تجارة المأكولات الحضرمية " الفلافل والهريس والعصيد "
تفاجأ الجميع بوفاة الوالد / عمر محمد باديك – رحمه الله ، خبر كان كالصاعقة على أبناءه وأقاربه وموجعاً ومؤلماً لأصحابه الذين جاء معهم من حضرموت بالباخرة ، ومؤلماً لكبار السن الذي عرفوه أو تعاملوا معه من قريب أو بعيد
حياته وانتقاله إلى السعودية
وُلِدَ رحمه الله في دوعن الخريبة حضرموت في 24/5/1342هـ الموافق 1924 م ونشأ رحمه الله نشأة صالحة وتعلم القراءة والكتابة رغم الظروف العصيبة في ذلك الوقت ، وصل إلى المملكة العربية السعودية في عام 1360هـ وذلك في عهد الملك سعود بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله وبقى يتردد على حضرموت حتى توفاه الله تعالى في الرياض
بدأ يفكر رحمه الله في حياته العملية مثله مثل أي حضرمي يبحث عن الرزق الحلال ولقمة العيش الكريمة وليكَّون نفسه من عرق جبينه ، عمل في بداية حياته في جده لفترة بسيطة ثم انتقل إلى الرياض لتبدأ حياته المليئة بالصعاب وقلة الامكانيات وبدأ في تجارته بالتوكل على الله وأن الرزق بيده سبحانه ، تسلح بالصدق والأمانة في تجارته إلى أن فتح الله عليه وتزوج بأم أحمد والتي كانت له نعم العون بعد الله عز وجل ليستقر بعد ذلك في الرياض حتى هذه الأيام.
تجارته وأخلاقه وتعامله
كان رحمة الله شهماً كريماً متواضعاً .. يساعد من طلب المساعدة بما يستطيع ... وبدأ رحمه الله بتكوين نفسه شيئاً فشيئاً إلى أن أكرمه المولى بفتح محل لبيع الفلافل والهريس والعصيد بحي المرقب بالرياض بمقابل مسجد الدغيثر والذي كان إمامه بن محبوب – رحمه الله- وكان الحضارم والتجار الكبير منهم والصغير يتسابقون إلى الطابور من بعد صلاة الفجر لعلهم يجدون شيئاً منها ، بل وكان من أراد الحجز يأتي بـ " القدور " قبل يوم أو يومين " ليضمن الحجز فكسب شهرته في الهريس وسمعته لأكثر من 30 سنة والتي لازالت حتى الآن.
أبناءه
زُرِقَ المرحوم بسبعة من الأبناء وثلاثة من البنات اهتم بهم جميعاً سواسيةً منذ نعومه أظفارهم على التربية الحسنة والأمانة والصدق وحب عمل الخير والسعي فيه ، بل وألحقهم في حلقات تحفيظ القرآن الكريم لينشئوا نشأة قرآنية مباركة ، فحفظ أغلبهم أجزء من القرآن الكريم وبعضهم قد حمله بين جنبيه كاملاً بحمد الله ، زرع في أبناءه حب العمل والاعتماد على النفس في أصعب الظروف وعلمهم الصنعة التي ورثها من آباءه ، وكان همه الأول والأخير " إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه "
إحسانه
بين الفترة والأخرى كان يرسل رحمه الله ما كتب الله له من الصدقات وفائض المال والزكاة إلى حضرموت ليصل المبلغ ليد الخال / محمد سعيد باديك والذي كان مؤذنا للقرية ، وكانت تلك المبالغ ما أن تصل ليده تحت اسم "حق الله" إلا ويقوم هو بتوزيعها على المستحقين والأرامل والمساكين ، وتوالت طوال هذه السنين بنفس المسمى حتى وفاته .
قصص إحسانه كثيرة للغير ولا تعد ولا تحصى بل وإن فتحنا هذا الباب سنجد خير كثير يفرح القلب ونختصر منها ما يلي :
يقول العم / أحمد العطاس – وهو جار وصديق للوالد منذ سنين وتألم كثيراً لوفاته .. جاء بي أخي من اليمن للسعودية وحصلت ظروف في حضرموت أجبرت أخي للعودة إلى حضرموت ، فجاء للعم عمر رحمه الله عليه وطلب منه أن يبقيني عنده حتى يعود ، فوافق رحمه الله عليه وكنت صغير السن في ذلك الوقت وأخذني من المكان اللي كنت جالس فيه وجلست بمنزل العم عمر لمدة ستة أشهر .. فو الله ما نقص عني شي طوال تلك الفترة ولم يطلب مني أدنى خدمة ، بل عندما رجع أخي من حضرموت لأخذي . قال أتركه عندنا فقد تعودنا عليه وتعود علينا .
مرضه ووفاته
ألم به المرض رحمه الله رحمه واسعة قبل وفاته بثلاثة أسابيع لألم في معدته وكان رحمه الله ومع شدة ألمه ذاكراً شاكراً حامداً لله عز وجل ، كان مبتسماً طوال فترة مرضه ، فلم يشتكي لأحد سوى ربه تبارك وتعالى .
انتقل خبر وفاته رحمه الله تعالى انتشار النار في الهشيم وانهالت التعازي من داخل المملكة وخارجها ، فكل من رأى المرحوم أو تعامل معه سابق إلى دفنه و الصلاة عليه أو الحضور لتقديم التعازي أو رد شيء من الجمائل التي كان يقدمها لوجه الله ، حضر ما يزيد عن 400 شخص للصلاة عليه بمسجد أم إبراهيم الذياب ، منهم الكبير والصغير والطاعن في السن ، بل وحضر إلى المقبرة من هو على كرسي متحرك ليقدم واجب العزاء ...
وحضر للعزاء في منزل ابنه ما يزيد عن 900 شخص يترحمون عليه ويسألون المولى أن يتغمده بواسع رحمته ، حتى ان معارفه في حضرموت خاصة والخريبة تحديداً لحزينة كل الحزن على فراقه رحمه تعالى .. يقول أحد الأخوة ... لم نتصور أن كل هذا العدد من الناس يعرفون الوالد رحمه الله تعالى عليه ، فقد أجمع الجميع على حبهم له وأنهم لم يروا منه إلا كل خير ..
ما كتبته إنما هو شي قليل وقطرة من بحر ولو كتبنا ما كتبنا لن نصل إلى الوفاء بحقه رحمه الله تعالى عليه ، حضر لتقديم واجب العزاء عدد غفير من تجار الحضارم والوجهاء والمشايخ وعدد كبير من أبناء حضرموت والأقارب والجيران والمحبين له من الرياض وخارجها ، وجزى الله خير لكل من تعنى أو حضر لتقديم العزاء أو اتصل وأسأل المولى أن لا يحرمهم الأجر وأن يبارك فيهم ولا يريهم أي مكروه
نسأل المولى أن يتغمد فقيدنا وفقيدكم برحمته ومغفرته وأن يسكنه فسيح جناته وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان ، وأن يجعله من الشهداء وأن يرفع درجاته في جنات النعيم ، وأن يتجاوز عنه وأن يقابله بما يرضيه يارب العالمين ، وأن يبارك في أولاده من بعده ويلهمهم الصبر والسلوان ، وإنا لله وإنا إليه راجعون