لا مكان لكم فارجعوا

2014-09-07 19:19

 

سررنا ونحن نرى كثيراً من خريجي الثانوية لهذا العام من أبناء حضرموت الذين نرجو أن يكونوا الأمل القادم لبناء وطنهم وإعلاء اسمه. 

 

ولكن هذه الأعداد هل ستجد لها مقاعد بجامعة حضرموت؟.

 

هل هُناك خطط لاستيعاب زيادة الطلاب وإيجاد فرص للتعليم المجاني أم أنها مخرجات عددية لن تجد لها مقعدا دراسيا، إلا لمن يمتلك المال ليتعلم على نفقته؟.

 

إن ما يحز في النفس بل ويشعر المرء بالغيظ أن تعجز بلد بحجم حضرموت وثروتها وتاريخها عن أن توفر لأبناء بحيرة الذهب تعليماً جامعياً لإئقاً، بغض النظر عن جودة أو رداءة التعليم.

 

قصص كثيرة عن أولئك الذين أكملوا الثانوية أملا بتعليم يفتح لهم آفاقاً للانطلاق، وتحسين أوضاعهم المعيشية، فتتحطم أحلامهم أمام بوابة الجامعة حين يقال لهم “لا مكان لكم في كلياتنا فارجعوا” سواء كان السبب نقص المعدل عن الحد المطلوب أو بسبب الاختبارات التي أظن أنها توضع أصلاً لفلترة الأعداد وليس لاختيار الأنسب.

 

من المؤكد أننا لسنا مع الاختيارات العشوائية للطلاب، ولسنا مع تسجيل الطالب في كلية هامة كالطب والهندسة، في حين أنه غير مؤهل، لكننا ضد الاختبارات التعسفية والتي لا ترقى أصلاً لتكون امتحانا لطالب جامعي، يجب أن تحتوي على سبر شخصيته ومدى قدرته على التعلم ومعرفة قدراته الحقيقية، لا تلك الامتحانات التي تقوم على مجرد مقدار ما يحفظ من معلومات قد لا يفهم شيء منها، فقط شريط كاسيت للتسميع والكتابة.

 

لن أطيل في طريقة التعليم ومستواه والمخرجات التي يحصل عليها المجتمع، ذلك سنتناوله في مقال آخر.

 

لكني سأتكلم وأركز على قضية قلة الطاقة الاستيعابية للجامعة للطلاب من أبناء حضرموت، هل يعقل أن يتعلم الطالب في القرى والبادية وتتحمل أسرته تكاليف التعليم الأساسي في ظل فقر وحاجة عند الكثيرين، ثم يتحمل عناء السفر لعاصمة حضرموت حتى يحقق حلم والديه في التحاقه بالجامعة فيصدم بعدم كفاية المعدل أو عدم وجود مكان له إلا بنفقة خاصة؟!.

 

هل من المنطق أن نحطم عقول أبنائنا المتميزين فقط لأنهم لا يمتلكون المادة مع أننا بأمس الحاجة لبناء العقول لشبابنا؟.

 

هل من حسن الإدارة أن يمنح الطلاب من خارج حضرموت مقاعد للدراسة في حين أن أبناءها لا يجدون مكانا إلا الجلوس في بيوتهم أو الالتحاق بأي عمل ولو كان سيقتل فيهم روح الطموح وتخسر البلاد عقولاً وأشخاصاً كان بالإمكان أن يكونوا أهم الموارد بل أكبر أهمية من حقول النفط ومناجم الذهب!؟.

 

قرأت قبل أيام مقالاً للأستاذ محمد باجنيد، وفيه لخص مأساة التعليم في حضرموت في قصة الشاب (مبخوت) الذي فصلته الجامعة لعدم قدرته على النفقة الخاصة التي تعجز أسرته عن توفيرها فخرج كسيراً حتى احتواه أحد تجار المخدرات فصار - علماً - في ذلك العمل القاتل ولكنه بقي يساعد كل من يريد التعلم لأنه لم ينس ما حرمته منه دولته التي هي مسئولة عنه وعن بقية المواطنين، مثل هؤلاء لو كانت الدولة احتوتهم أليس انفع للبلاد والعباد!؟.

 

ختاماً نأمل من أصحاب القرار أن يعيدوا النظر في سياسة القبول والتسجيل في الجامعات بما يساعد على احتواء أبناء البلد، وإنشاء معاهد ومراكز لاستيعاب الطلاب الذين لا تكفي معدلاتهم لدخول الجامعات، سواء فنية أو مهنية، بحيث تحتوى كل الطاقات الشابة.

 

* الأيام