كنا معا في التاكسي، هم جماعة من شرق آسيا، يعجبهم الحديث والدردشة على أي شيء يمر أمامهم، كانت الصحيفة بيد أحد المحليين، يعني من عيال البلد، هي صحيفة شمالية، وفي صفحتها الأولى صورة صبيان لايتجاوز بعضهم الخامسة عشرة، ولزيادة التأكد كان عددها رقم (892) يوم الإثنين 26 /8 /2014م، لفت انتباه جماعة شرق آسيا الصورة البارزة، وهي لمجموعة من الصبيان مؤزرين بأسلحة آخر صيحة، ولا يظهر منهم سوى واحد يبدو عليه مظهر ابن البلد، أما الآخرون جميعهم فمن الأفارقة، بل إن هناك من يظهر عليه سمة الأجانب لولا (العمامة) التي كان يتعمم بها الرئيس اليمني السابق عندما كان في لحظة رقصة (البرع).
ما علينا من هذه الاستثناءات، فقد علق هؤلاء الذين جاءت بهم الشركات الأجنبية من شرق آسيا بقولهم IT IS AN OPEN COUNTRY.. يعني (إنها بلد مفتوحة) لا يستطيع أحد أن يقول من أين جاؤوا؟ أو من الذي وظفهم؟، أو لمن يدينون بالولاء؟، شيء طبيعي أنهم ليسوا من أبناء البلد، بدليل أنهم مثل القطيع الذي لا يعرف متى سيتم تقديمه للمذابح!.
سألت نفسي وأنا أستمع للمناقشة التي اندمج فيها هؤلاء الآسيويون، بعضهم لم يبال بأن هناك من لا يزال من مخلفات الإنجليز، واللغة الإنجليزية هي لغته الثانية بعد لغته الأم! قلت يا ترى كيف سيكون الأمر في أذهان هؤلاء الذين استنكروا وجود هؤلاء الأجانب الذين يحملون أسلحة متطورة وهم من أدغال أفريقيا في الوقت الذي توقف النقاط في شوارع عدن الرئيسية كل من يحمل مسدس بسيط يحمي نفسه ويحمي أسرته، وهم (أي الآسيويون) يعرفون أن المواطن في عدن يا ويله وسواد ليله ويومه أيضا لو حصلوا معه مسدس (مكاريوف) وليس رشاش (أبو عطفة، أو أبو صك أبيض).
التعليق المضحك والمثير للاشمئزاز هو ذلك السطر الغامض الذي كتب فيه التعليق التالي: “صورة أطفال مسلحين يشاركون الحوثيين في اعتصاماتهم في المدخل الغربي للعاصمة صنعاء”. فمن يمكن له تصور حال الذين يفدون بتعاقد عمل لشركات لا تثق إلا بالأجانب، وهم يرون منظر الأطفال الأجانب الذين يحملون أسلحة فتاكة وحديثة، قد تكون الجملة الواقعية التي أطلقوها عندما شاهدوا صورة الأطفال في الصفحة الأولى للجريدة هي حقيقة ما نعاني منه في بلادنا.
هؤلاء الأجانب الذين يفدون بطرق شرعية أو غير شرعية ما هي المعايير التي تم بموجبها السماح لهم للعمل الذي شرعنته الشركات الأجنبية؟ ولنا تعليق على ذلك في فرصة أخرى، أو أولئك الصبية الذين ينخرطون في دائرة الصراع السياسي والعسكري، فأين وزارة الداخلية والدفاع؟، بل وأيضا أين وزارة العمل التي يقع على عاتقها ومن مسؤولياتها مثل هذا الخرق والاستهتار بأمن وسلامة البلد والناس فيها.
كلمة أخيرة نهمس بها للجهات التي تستقدم مثل هؤلاء: يا هؤلاء ألا يكفيكم ما قلناه في السابق بأن هناك تعاملا مع هؤلاء الأجانب غير مشروع، بل وفي حالات مع شبابنا التائه والذي كان ولا يزال يتم احتساب الرأس (الفرد) منهم بكذا مبلغ، وتم كشف هذا الأسلوب المهين لآدمية الإنسان، وطالبنا بمحاسبة كل من سعى لجلب أو تصدير بشر من الخارج والداخل.
هو اتجاه وأسلوب لا أخلاقي ولا فيه ذرة من الإحساس والشعور بأن هذه التجارة مرفوضة دينا وعرفا، وأن هذا الشكل من العمل يعد استجرارا لما كانت تعانيه البشرية في زمن بيع العبيد (الرق) وكل من ضاقت به الحياة فسلم نفسه لهؤلاء ليتاجروا به دون الخوف من عذاب الخالق الأوحد (رب السماوات والأرض) والذي حرم الرق وحرم التجارة بالبشر، أفلا يتعظون مما هو حاصل في الأوطان العربية الأخرى من قتل وسفك دماء دون سبب أو مبرر؟، لا رحمهم الله ولا جعل لهم شيئاً في حياتهم ومماتهم، وعذاب المولى (عز وجل) في انتظارهم.. ولنا لقاء.