الحملات المسعورة ضد وزير الدفاع العميد الركن محمد ناصر احمد المطالبة بأقالته من قبل البعض ومحاكمته من قبل البعض الاخر هي حملة سياسية بأمتياز ليست موجهة ضد الوزير فحسب بل هدفها الأخير هو الرئيس هادي نفسه .
المنطق الأعوج لهذه الحملة ان أصحابها من حزبي الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام يتناسون او ان ذاكرتهم قصيرة بخصوص الجرائم الجسيمة التي ارتكبت في الماضي من قبل الرئيس صالح وفي فترة الحكومة الائتلافية بين المؤتمر والإصلاح ولم يطالب احدا منهما محاكمة المسؤولين عن تلك الجرائم الجسيمة المتعلقة بالمساس بسيادة واستقلال الوطن وخرق الدستور ونشير هنا اختصارآ للوقت الي واقعتين هما ١- احتلال اريتريا لجزيرة حنيش الكبري و٢- مثالين بخصوص خرق
الدستور
اولا-احتلال اريتريا لجزيرة حنيش الكبري
-----------------------------------
قضت المادة ١٢٨ من الدستور بمحاكمة رئيس الجمهورية في ثلاث جرائم -الخيانة العظمي او بخرق ألدستور أو بأي عمل يمس استقلال وسيادة البلاد
وفي القانون رقم (٦) لسنة ١٩٩٥ بشأن إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا في الدولة عرفت في التسمية والتعاريف للجرائم الثلاثة في المادة (٢) الفقرة ( ز )-المساس بسيادة واستقلال الوطن
: أي عمل يؤدي الي تدخل الغير أو سيطرته علي اليمن أو علي جزء منه أو ثرواته أو نظامه الداخلي
وقد حذرت اريتريا مسبقا علي لسان رئيس وزرائها منذ شهر نوفمبر ١٩٩٥ انها ستحتل جزيرة حنيش الكبري (الجنوبية ) اذا لم تنسحب القوات اليمنية منها في خلال مهلة شهر ديسمبر من العام نفسه
والمعروف ان ارخبيل حنيش خاصة حنيش الكبري تقع بالقرب من باب المندب الاستراتيجي الذي تشرف عليه اليمن الجنوبي سابقا ولم تتخذ السلطات اليمنية الاحتياطات اللازمة للدفاع عن الجزيرة مما شجع اريتريا علي احتلالها في منتصف ديسمبر عام ١٩٩٥ تنفيذا لتهديداتها عند احتلال اريتريا للجزيرة كان وزير الدفاع حينها العميد الركن عبد الملك السياني وحين سأل رأيه فيما حدث عبر عن دهشته بحصول ذلك وطلب من الصحفيين سؤال الرئاسة والاستفسار لديها بما حصل ؟؟؟
وهنا تعززت لدي الثقة بما ذكره المرحوم عمر الجاوي حينها في ندوة عقدت بهذه المناسبة في فندق حدة بصنعاء ان العملية كلها تمت بموجب تفاهم بين الرئيس صالح وافورقي قبل حرب صيف ١٩٩٤ بأن تسمح اريتريا بمهاجمة عدن من مطارات اريتريا مقابل تنازلات له سيقدمها لاريتريا مكافأة لها وهذا ما حدث بعدم إيجاد تعزيزات عسكرية لمواجهة تهديدات اريتريا باحتلال الجزيرة
ثانيا - بخصوص خرق الدستور
---------------------------
تعريف المادة ٢ / الفقرة ( و ) من القانون المذكور أعلاه لعام ١٩٩٥ لمفهوم خرق الدستور يعني " مخالفة نص من نصوص الدستور أو تعليقه أو تعديله دون اتباع الأجراءات المحددة فيه " واقتصر هنا بأعطاء مثالين فقط. :- ١-في قرار محاكمة قائمة ال ١٦المتهمين في محاولة الانفصال لعام ١٩٩٤
و٢- عدم احترام نظام الدورتين للولاية الرئاسية
١- في محاكمة قائمة ال١٦ لقادة الجنوب :- نصوص الدستور واضحة وصريحة وفق نص المادة ١٠١ من دستور الوحدة وأعيدت نصوصها لاحقا في دستوري ١٩٩٤- و ٢٠٠١مابعض الإضافات الطفيفة قضت بتوجيه التهم بناء علي طلب نصف أعضاء مجلس النواب إصدار قرار الاتهام بأغلبية ثلثي أعضائه ويبين القانون إجراءات اتهامهم كل هذه النصوص لم يؤخذ بها والأدهى من ذلك أخذ بقانون شطري لجمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في حين ان قانون عام ١٩٩٥ كان نافذا والسبب في ذلك ان القانون الشطري نص علي عقوبة الإعدام الذي لم يذكر في قانون ١٩٩٥ ؟؟
٢- الولايتين الرئاسية برغم تحديد الدستور بوجود ولايتين رئاسية فقط تلاعب الرئيس صالح بنص وصوص الدستور بتوليته الرئاسة من ١٩٩٤-١٩٩٩ و١٩٩٩-٢٠٠٦ وترشح في عام ٢٠٠٦ للرئاسة للمرة الثالثة وغير نص الدستور في عام ٢٠٠١ مد الولاية من ٥ سنوات الي ٧ سنوات وبأثرياء رجعي لولايته لعام ١٩٩٩ ؟؟ بانتهاكا صارخ للد ستور وخلافا لجميع التشريعات الدستورية العالمية الإصلاح والمؤتمر الشعبي العام وتحالفهما ضد الجنوب
----------------------------------------------
برغم صراعهما علي السلطة ولكنهما متفقان معا ضد الجنوب والحملة الحالية ضد وزير الدفاع نموذجا لهذا التحالف فقبل ايام قليلة طالب صادق أمين ابو راس (من المؤتمر ) باستقالة وزير الدفاع وشخصيات مؤتمرية
اخري وكذا قيادات من حزب الإصلاح وهنا اذكر ان احتلال ريتريا لجزيرة حنيش الكبري في نهاية عام ١٩٩٥ تمت في إطار حكومة الشهيد عبد العزيز عبد الغني كرئيس للوزراء (٦/١٠/١٩٩٤ - ١٤/٥/١٩٩٧ في ظل الإتلاف الحكومي بين المؤتمر الشعبي وحزب الإصلاح الذي كان من ابرز أعضائه عبد الوهاب الأنسي نائب رئيس الوزراء عبد الوهاب الديلمي الشهير بفتواه ضد الجنوب كوزير للعدل ومن المؤتمر العميد الركن عبد الملك السياني كوزير للدفاع وصادق أمين ابوراس وزير الخدمة المدنية والإصلاح الاداري هذا من جهة ومن جهة اخري رئيس مجلس النواب عند الاحتلال الإريتري هو المرحوم الشيخ عبد الله بن حسين الاحمر والد الشيخين صادق وحميد الاحمر ووفق نص قانون ١٩٩٥ أعطي رئيس مجلس النواب حكرا ليس الي هيئة مجلس النواب قبول طلب أعضاء المجلس إحالة المتهمين الي المحاكمة السؤال المطروح هنا لماذا هذه القيادات من الإصلاح والمؤتمر لم يتقدموا بطلب محاكمة الرئيس صالح ولا وزير الدفاع السياني للمحاكمة بآلتهم السابقة التي أشرنا اليها سواء عند احتلال حنيش الكبري او عند اختراق الدستور في الوقت الذي يتهمون وزير الدفاع الحالي وبل الرئيس نفسه انهم السبب خاصة بسقوط محافظة عمران ؟؟ هل سقوط عمران تمت بأيدي الاريتريين كقوة غير يمنية ام بيد الحوثيين وهم يمنيون بينما حنيش احتلت من قبل قوة اجنبية ؟؟
في الخلاصة
----------
من الواضح ان العملية برمتها سياسية بامتياز وتهدف ليس فقط وزير الدفاع بل أيضاً الرئيس هادي والي إفشال
سياسته في بناء الدولة المدنية والعصرية وإنصاف في مرحلة أولي لحقوق ومطالب شعب الجنوب
* د محمد علي السقاف - أستاذ القانون الدولي جامعة السوربون سابقا